بالحياة بعد رسول الله، فقاتلوا على ما قاتل عليه رسول الله، وموتوا على ما مات عليه، ثم قال: اللهم إني أعتذر إليك مما يقول هؤلاء -يعني المسلمين- وأبرأ إليك مما عزم هؤلاء -يعني المنافقين- ثم شد بسيفه فقاتل حتى قتل (١).
ثم إن رسول الله انطلق إلى الصخرة، وهو يدعو الناس، فأول من عرف رسول الله كعب بن مالك رضي الله عنه فقال: عرفت عينيه تحت المغفر تزهران، فناديت بأعلى صوتي: يا معشر المسلمين، أبشروا هذا رسول الله، فأشار إليّ: أن اسكت (٢) فانحازت إليه طائفة من أصحابه، فلامهم النبي على الفرار، فقالوا: يا رسول الله: فديناك بآبائنا وأمهاتنا، أتانا الخبر بأنك قتلت، فرعبت قلوبنا، فولينا مدبرين فأنزل الله تعالى: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ﴾ (٣).
ومحمد هو المستغرق لجميع المحامد؛ لأن الحمد لا يستوجبه إلا

(١) أخرج البخاري كتاب المغازي باب غزوة أحد (٤٠٤٨)، ومسلم كتاب الإمارة باب ثبوت الجنة للشهيد (١٩٠٣)، وأحمد في "المسند" ٣/ ١٩٤، وابن الأثير في "أسد الغابة" ١/ ١٥٥ عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - بمعناه، وفيه: (المشركين) بدلًا من (المنافقين) -عند البخاري- وأخرج ابن هشام في "السيرة النبوية" ٣/ ٨٣، والبيهقي في "دلائل النبوة" ٣/ ٢٤٥ عن ابن إسحاق قال: وحدثني القاسم بن عبد الرحمن بن رافع فذكر نحوه.
(٢) ذكر ابن هشام في "السيرة النبوية" ٣/ ٨٣، عن ابن إسحاق نحوه.
وانظر: "البداية والنهاية" لابن كثير ٤/ ٢٣.
(٣) ما ذكره الثعلبي منتزع من عدة أخبار في غزوة أحد، ولبعض ما ورد شواهد ذكرها أهل العلم نبهت على بعضها في مواضعها. =


الصفحة التالية
Icon