اجتمعوا وفيهم رسول الله - ﷺ - ذهب عنهم الحزن، فأقبلوا يذكرون الفتح وما فاتهم منه، ويذكرون أصحابهم الذين قتلوا، فأقبل أبو سفيان وأصحابه حتى وقفوا بباب الشعب، ثم أشرف عليهم، فلما نظر المسلمون إليهم أهمهّم ذلك، وظنوا أنهم سوف يميلون عليهم فيقتلونهم فأنساهم هذا (١) ما نالهم.
فقال رسول الله - ﷺ -: "ليس لهم أن يعلونا، اللهم أن تقتل هذِه العصابة لا تعبد في الأرض" ثم ندب أصحابه فرموهم بالحجارة حتى أنزلوهم، فنزلوا سريعًا (٢).
(قوله تعالى) (٣): ﴿لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ﴾ من الفتح والغنيمة، ﴿وَلَا مَا أَصَابَكُمْ﴾ (ما) في موضع خفض، أي: ولا على ما أصابكم من القتل والهزيمة، حتى أنساكم ذلك هذا الغم، وأهمكم ما أنتم فيه عما كان أصابكم قبله (٤).
وقال المفضل: لا: صلة، معناه: لكي تحزنوا على ما فاتكم، وما أصابكم عقوبة لكم في خلافكم وترككم المركز، كقوله: ﴿لِئَلَّا يَعْلَمَ﴾
(٢) أخرج الطبري في "جامع البيان" ٤/ ١٣٦، وفي "تاريخ الرسل والملوك" ٣/ ٢٠ - ٢١ عن السدي نحوه، وإسناده مرسل.
وانظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٤٩٣
(٣) الزيادة من (س).
(٤) هو قول ابن عباس، وابن عوف، والحسن، وغيرهم.
انظر: "تفسير القرآن العظيم" لابن كثير ٣/ ٢٢٦، "روح المعاني" للألوسي ٤/ ٩٢.