حتَّى أشفعك فيهم، ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾ أي: استخرج آراءهم، واعلم ما عندهم، وهو مأخوذ من قول العرب: (شرت الدابة، وشورتها: إذا استخرجت جريها، وعلمت خبرها، ويقال لما يَظهر من حالها: مشوار، وللموضع الذي يشوَّر فيه أَيضًا مشوار (١) وقد يكون أَيضًا من قولهم: شرت العسل وأشرته واشترته، فهو مَشور ومشار ومشتار: إذا أخذته من موضعه، واستخرجته منه (٢)، قال الأَعشى:

كأن جنيًّا من الزنجبيل بات بفيها وأريًا مشورا (٣)
وقال عدي بن زيد:
من سماعٍ يأذن الشيخ له وحديثٍ مثل ماذي مشار (٤)
واختلف العلماء في المعنى الذي لأجله أمر الله تعالى نبيه - ﷺ - بالمشاورة مع كمال عقله، وجزالة رأيه، وتتابع الوحيِ عليه،
(١) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٤١٦، "الكشاف" للزمخشري ١/ ٦٤٧، "المحرر الوجيز" لابن عطية ٣/ ٣٩٧.
(٢) انظر: "معجم مقاييس اللغة" لابن فارس ٣/ ٢٢٦ (شور)، "المحيط في اللغة" لإسماعيل بن عباد ٧/ ٣٧٨ (شور).
(٣) البيت من قصيدة للأعشى يمدح فيها هوذة بن عليّ الحنفي في إحدى غزواته "الديوان" (ص ٩٣) (٣٠) (٨)، وفيه: (خالط فاها) بدلا من (بات بفيها) والأري: العسل.
انظر: "المحرر الوجيز" لابن عطية ٣/ ٣٩٩ هامش (١).
(٤) في "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٤/ ٢٤٩) عن عديّ مثله.


الصفحة التالية
Icon