عن الأدلة حتى لا أكون منقادًا لكل قائد- فوجدت كلا منهم قدَّس الله أسرارهم، وجعل في عليين منازلهم- قد اجتهد في طلب الحق.
فهذا يدل على إنصافه وإخلاصه رحمه الله، وعلَّل دخوله في المذهب الحنبلي من بعد أن كان شافعيًا بأن هذا الإمام الأخير أوسعهم معرفة بحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما يعلم ذلك من اطَّلع على مسنده المشهور (حتى كأنه ظهر في القرن الأول لشدة اتباعه للقرآن والسنة) (١) ثم وصف الإمام أحمد ومذهبه، وورعه وتقواه، ومسائله وفتاواه، بما هو جدير به، ونعى على أسراء الوهم والخيالات الفاسدة، الذين يطعنون في أهل الاتباع، لا الابتداع، وينفّرون الناس منهم، وهم يردِّدون بألسنتهم:
وكل خير في اتباع من سلف | وكل شر في ابتداع من خلف |
ثم منَّ الله عليَّ فحبَّب إليَّ الاطلاع على كتب التفسير والحديث وشروحها، وأمهات كتب المذاهب الأربعة وعلى مصنفات شيخ الإسلام (ابن تيمية) وتلميذه الحافظ ابن القيم وعلى كتب الحنابلة، فما هو إلا أن فتح الله بصيرتي وهداني للبحث عن الحق من غير تحزب لمذهب دون مذهب، فرأيت أن مذهب الحنابلة
(١) بل هذا أظهر في "مسائله" ومنها: "مسائل أبي داود" التي حققها أستاذنا البيطار والشيخ محمد رشيد رضا رحمهما الله، و"مسائل ابن هانئ" و"مسائل ابنه عبد الله" وهي من تحقيقي ونشر المكتب الإسلامي.- زهير.
(٢) طبع في المنار باسم "روضة الناظر وجنة المناظر". وعندي أشياء أخرى من تأليفه.
(٢) طبع في المنار باسم "روضة الناظر وجنة المناظر". وعندي أشياء أخرى من تأليفه.