من أصحاب الجحيم. فقد قضت سنة الله في خلقه أن من شأنه التشكك، وطبعه العناد والمكابرة، لا سبيل إلى إقناعه بالحق، ولا ترجي هدايته، وإنما تحصل الهداية لمن طلب معرفة الدليل ليقنع بالحق عن يقين.
بعد أن عدد الله نعمه على بني إسرائيل وبين ما هم عليه من أخلاق وطبائع، وما اقترفوه من سيئات ومطاعن ضد الإسلام، لا تدع مجالًا للطمع في إيمانهم ختم البحث بقوله ﴿ولن ترضى عنك﴾ يا محمد ﴿اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم﴾. والخلاصة: أن اليهود والنصارى لن يرضيهم منك شيء مهما حرصت على إرضائهم إلا أن تتبع ملتهم، وهذا ما لا يمكن أن يكون، لأن مهمتك في الحياة إنما هي إصلاحهم وهدايتهم لا العمل على إرضائهم، إذن ﴿قل﴾ أيها الرسول لمن حاول مفاحمتك وإعجازك من اليهود والنصارى ﴿إن هدى الله﴾ الذي أدعو إليه ﴿هو الهدى﴾ الصريح الذي أنزل من عند الله، وهو بين أيديكم فإن اتبعتموه فلكم أجركم، وإلا فعليكم يقع وزركم ﴿ولئن اتبعت أهواءهم﴾ أو ولئن حاولت أن تجاريهم في الأخذ والرد، والإجابة عن كل سؤال يوجهونه إليك بالمطالبة بمعجزة تؤيد رسالتك ﴿بعد الذي جاءك من العلم﴾ بحقيقة أمرهم، وأنه لا طمع في إيمانهم، وأنهم لن يرضوا عنك إلا أن تتبع ملتهم ﴿ما لك من الله من وليٍ ولا نصيرٍ﴾ فشأنك وشأنهم، لأن الله لن يتولى تأييدك في تحقيق ما يطلبونه منك، ولن ينصرك عليهم بإقامة الحجة بالطرق التي يريدونها، وكن على ثقة بأن ﴿الذين آتيناهم الكتاب﴾ وهو القرآن وآمنوا بأنه من عند الله ﴿يتلونه حق تلاوته﴾ أي من شأنهم وواجبهم أن يحرصوا على تلاوته حق تلاوته بأن يدرسوا ويتدبروا أحكامه، ولا يتقيدوا في ذلك برأي لا يدل عليه القرآن، ولا يتأولوا كلمة صريحة أو معنى واضحًا ﴿أولئك﴾ هم الذين يملأ الله قلوبهم بالهدى، ويشع عليهم النور الإلهي في أثناء تلاوتهم لآياته لأنهم ﴿يؤمنون به﴾ حقًّا بعد علم ويقين، وللقرآن تأثير في النفوس لا يحصل من سواه. أما الذين لا يتلونه حق تلاوته، ولا يدركون معناه، ولا يتذوقون حلاوة طلاوته، ولا يتدبرون آياته ليقفوا على كنهه ومرماه، والعمل بمقتضاه، فشأنهم شأن الكافرين ﴿ومن يكفر به﴾ ممن يتصور أن القرآن إنما أنزل لمجرد التعبد بتلاوته فقط، فلا يحرص على تدبر معانيه، والعمل بأحكامه ﴿فأولئك هم الخاسرون﴾ الذين أضاعوا أوقاتهم في تلاوة القرآن دون الحصول على ثمراته
واستجلاء غوامضها وقراءة السطور وما بين السطور وتبين أن خير وسيلة لتحقيق هذه الغاية الكريمة هي أن يفسر القرآن لهم تفسيرًا سهلًا في كتب ميسرة الاقتناء ميسرة التداول يستطيع المرء إذا شاء أن يضع الكتاب منها في جيبه مستصحبًا إياه إلى كل مكان.
ولم يقنع الأستاذ الخطيب بالتفسير بل ضمن الكتاب بطائفة من القصائد التي نظمها في التغني بأقواله تعالى والتسبيح بمحامده ونعمه التي يغدقها على البشر.
ونشرت جريدة الإخوان المسلمين بتاريخ ١٦/ ١١/٤٧ تقول:
إنه أول تفسير من نوعه مختصر جامع يشرح اللفظ، ثم ينتقل إلى المعنى بطريقة مشوقة، وبعد الانتهاء من شرح المعنى يصول ويجول في استنباط الأحكام، وبيان مغزاها، ونفعها لبني الإنسان وهدايتها لمن يتمسكون بدين الله، ولمن يحرصون على إقامة شريعته، والمسلمون في حاجة إلى هذا التبيان الذي يفصح عن كثير من جواهر القرآن المكنوزة، ولآلئه التي تزيد مع الأيام جمالًا وروعة وبهاء وحسنًا بأسلوب عصري وعبارات سهلة تقرب فهم مقاصد القرآن والعقيدة الصحيحة ومعرفة الله وطريق الوصول إليه وسبيل سعادة الدارين فهو تفسير الجيل الجديد والحضارة الإسلامية والثقافة الدينية.
ونشرت جريدة منبر الشرق بتاريخ ١٢/ ٣/ ٤٨ تقول:
أراد صاحب التفسير الفريد السيد عبد الحميد الخطيب، المدرس بالمسجد الحرام، أن يقرب كلام الله تعالى لفظًا ومعنى إلى الإفهام بأسلوب عصري سهل مبسط، يتفق في الوقت نفسه مع آراء السلف الصالح في العقائد والأحكام. وقد وفقه الله إلى تحقيق ما أراد بأسلوب بليغ، وعبارة مشرقة ترضي الخاصة، وتصل في يسر إلى قلوب العامة.
الموجودة في الدنيا والملهم لجميع المخترعات فيها (على كل شيء قدير) الثابت له صفة القدرة في الدنيا والآخرة، وهو الذي يملك الثواب والعقاب (يوم) القيامة ذلك اليوم الذي تعرض فيه أعمال العباد على صحف تنشر كما تعرض الحوادث في دور السينما على الشاشة البيضاء، وإذ ذاك (تجد كل نفس ما عملت) في حياتها (من خير محضرًا) ومثبتًا طبق الأصل فتسر به وتطرب (وما عملت من سوء) في هذه الحياة عند ما تبصره معروضًا على الأنظار تساء به و (تود) أي تحب وتتمنى وقرئ «ودت» (لو) فصل وأبعد عن صحائفه و (أن) يكون (بينها وبينه أمدًا بعيدًا) ومسافة طويلة حتى لا تراه من عظم تأذيها منه (ويحذركم الله) من عقوبة كل أمر يمس (نفسه) كالبحث في حقيقة ذاته تعالى لأن ذلك يوقعكم في نسبة التجسيم والتكييف إلى الله وهذا محال عليه سبحانه (والله رءوف بالعباد) وقد عاملكم بهذه الرأفة إذ حذركم من البحث أو التفكر في ذاته لئلا يؤدي ذلك بكم إلى الهلاك، كما روى في الحديث «تفكروا في آلاء الله ولا تفكروا في ذاته فتهلكوا».
بعد أن نهى الله المؤمنين عن اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين وأمرهم بالتعرف به بأخص صفاته كالعلم والقدرة، وحذرهم من التعرض لكل أمر يتعلق بنفسه تعالى، رسم لهم طريق القرب منه والحصول على محبته وما يوجب مرضاته فقال (قل) أيها الرسول لمن آمن بك (إن كنتم تحبون الله) وترجون نصرته وعزته لكم (فاتبعوني) في جميع أعمالي وهي تشمل الفرض والسنة، فإني لا أعمل إلا ما يرضي ربي وقد عصمني من المعاصي، فإذا قلدتموني في أعمالي وتابعتم سيرتي واتبعتم سنتي برهنتم على مبلغ حبكم لله وعندئذ (يحببكم الله) ومتى أحبكم كلأكم بعنايته وأيدكم بمختلف الإمدادات الظاهرة والخفية فقد ورد من حديث قدسي: «ما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضته عليه، وما زال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمش بها، وإن سألني لأعطينه، وإن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته» (ويغفر لكم ذنوبكم) يوم القيامة منة منه وكرمًا إذ المغفره حق من حقوقه وحده لا ينازعه فيها منازع (والله) من شأنه (غفور) لمن استغفره (رحيم) بمن ارتجى بخالص عمله رحمته (قل) لهم أيها الرسول إذا لم يمكنكم متابعة أعمالي كلها فالإيمان يحتم
صارخ على من أوصى الله بهم وبهن عن تبديد أموالهم بأي شكل من الأشكال ﴿وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى﴾ أي إذا خفتم من عدم مراعاة واجب العدل في نكاح الفتيات اليتيمات لما تحسون به من أن الزواج بهن لم يكن ناشئًا عن إحصانهن وحسن عشرتهن بل إنما كان ذلك لمجرد قضاء وطركم منهن أو طمعًا فيما لديهن من مال وجاه ﴿فانكحوا ما طاب لكم﴾ أي فاحذروا غضب الله عليكم ولا تقدموا على زواجهن واطلبوا ذلك من غيرهن وتزوجوا ﴿من النساء﴾ غير اليتيمات من يحقق زواجهن لكم الغاية التي ترجونها من وراء الزواج كالطمع في الجمال والمال رغم ما في ذلك من الأضرار التي نبه الرسول إليها بقوله: «لا تتزوجوا النساء لحسنهن فعسى حسنهن أن يرديهن ولا تتزوجوهن لأموالهن فعسى أموالهن أن تطغيهن ولكن تزوجوهن على الدين ولأمة خرماء ذات دين أفضل» ﴿مثنى﴾ أي عليكم بزواج امرأتين ﴿وثلاث﴾ إن لم تكفكم الاثنتين ﴿ورباع﴾ إن لم تكفكم الثلاث ومعنى هذا أن التعدد أمر دعى إليه الله وسنه النبي بفعله وهذا خلاف لما يقوله بعض علماء هذا العصر من أن الإسلام لا ينظر بعين الرضاء إلى تعدد الزوجات، وهو أمر لا يصار إليه إلا عند الضرورة لأن الله قد قال في آية أخرى: ﴿ولن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم﴾ فقد فصلنا هذا في محله عند تفسير الآية أما التعدد ففيه ضمان إحصان الرجل والمرأة معًا وفيه عدة فوائد جمة كإحكام روابط الألفة بين المسلمين عن طريق توسيع دائرة المصاهرة ووشيجة النسب وإكثار النسل وما يترتب على ذلك من زيادة عدد المسلمين حيث يقول صلى الله عليه وسلم: «تناكحوا تناسلوا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة» هذا من جهة ومن الأخرى فإن في التعدد صيانة للمرأة عن التبذل والفساد وضمان صحة الأنساب ذلك لأن النساء أكثر عددًا من الرجل وهن بحكم أنوثتهن في حاجة إلى من يشبع شهوتهن ويحميهن ويقوم بواجب نفقتهن الأمر الذي يحملهن على البحث عن رجل ولو أدى بهن الأمر إلى الفساد وما يترتب عليه من كثرة أولاد الزنا والرجال من القلة بحيث لا يوازي عددهم نصف عدد النساء لما يتعرضون له من القتل في الحروب ومن الموت في السلم من كثرة الإجهاد وتحمل مشاق الحياة ولا سبيل إلى إيجاد حل لهذه المشكلة إلا عن طريق تعدد الزوجات على شرط العدل بينهن ومساواتهن في سائر الحقوق بدليل قوله ﴿فإن خفتم﴾ علمتم من أنفسكم ضعفًا نفسيًا تشعرون معه ﴿ألا تعدلوا﴾ بين الزوجتين أو الزوجات في القسم والنفقة وحسن العشرة بحيث لا تؤثروا واحدة منهن على الأخرى حتى ولا
أمر لا ينظر إليه الشرع بعين الرضا.
ثالثًا: - لأن الآية لم تقف عند حد الحكم باستحالة التعدد فقط بل تجاوزته إلى ذكر الحل الذي يجب أن يصار إليه في هذه الحالة وهو قوله ﴿فلا تميلوا كل الميل﴾ أي أن المراد من العدل عدم الاندفاع وراء العاطفة إلى أبعد حد بحيث تصبح الأخرى كالمعلقة.
والواقع أن القائلين بهذا إنما قاسوا طبائع البشر بما يجدونه في نفوسهم من ضعف فقالوا إن الله قد أحاط التعدد بقيد منيع من وجوب العدل الذي حكم باستحالته. وفاتهم أن الله الذي حكم باستحالة العدل بمفهومه العام قد وضح المراد منه أو ما ينبغي مراعاته مع الزوجات بقوله في نهاية الآية ﴿فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة﴾ أي إنه تعالى عند ما دعا إلى التعدد وأباح العدول عنه في حال الخوف من عدم العدل عاد فنبههم إلى أنه لا يراد من العدل ما يرضي النساء فهن لا يرضيهن شيء وليس المراد المساواة بينهن في كل شيء حتى في الحب فذلك من أعمال القلب التي لا قدرة للإنسان عليها وإنما المراد شيء آخر يستطيع كل أحد أن يعرفه من نفسه ذلك هو أن يكون المرء المؤمن ممن يستطيع أن يملك نفسه ويهيمن على عاطفته فلا يندفع مع من يحب من النساء إلى حد لا يمكنه من مجاملة الأخرى بشيء من اللطف وحسن العشرة الأمر الذي يجعلها في وضع لا تعرف معه نفسها إن كانت زوجة أو مطلقة ولقد أرسل إلى صاحب مجلة العرب التي تصدر في كراتشي بيتين يداعبني فيهما لزواجي باثنتين فشطرتهما وذيلتهما وأرسلتهما إليه ونشر ذلك في مجلته كما يلي:
البيتان:
@ يا من تزوج باثنتين ألا اتعظ
وبصرهم (لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) هذا تنبيه للمؤمنين بتأكيد قسمي بذم هذا الموقف السلبي من الناس إزاء المنكرات لأن هذا مما يجرء الفساق على إظهار فسقهم وفجورهم فتنتشر الموبقات ويقضى على الفضيلة ونبل الصفات ويعيش الناس كالبهائم في وسط مملوء بالرذائل والانغماس في الشهوات (تَرَى) أيها الرسول (كَثِيرًا مِنْهُمْ) أي من أهل الكتاب (يَتَوَلَّوْنَ) يحبون ويصادقون (الَّذِينَ كَفَرُوا) من بني إسرائيل وغيرهم من النصارى ليكوِّنوا لهم وحدة تناصبك العداء وتعمل على مقاومة دعوتك وتحطيم شريعتك (لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ) من نوايا سيئة وأفكار خبيثة دعتهم إلى التآمر معهم
<٨٣>
ضد الإسلام كان جزاء ذلك (أَنْ سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِمْ) ومتى سخط الله على قوم غرس بغضهم في قلوب العباد (وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ) في الحياة الأخرى (وَلَوْ كَانُوا) أي سائر أهل الكتاب (يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ) محمد بن عبد الله (وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ) من القرآن (مَا اتَّخَذُوهُمْ) أي اليهود والنصارى (أَوْلِيَاءَ) يصادقونهم ويتحدون معهم فالعلة التي وحدت بينهم وجعلتهم يوالونهم إنما هي الكفر بالله والتعاون على حرب رسوله وإبطال دعوته والتنكيل بمن آمن به (وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ) أي من أهل الكتاب الذين يوالون النصارى والمشركين (فَاسِقُونَ) أي خارجون عن حظيرة الدين ومن أجل هذا ارتبطت قلوبهم ووحد الفسق فيما بينهم ولذا قيل «الكفر ملة واحدة» باعد الله بيننا وبينهم ووقانا شرهم بفضله وكرمه.
صدى هذا التفسير في مختلف الأوساط
تابع لما قبله
لقد كانت الغاية من وضعي لهذا التفسير هي تيسير فهم القرآن للناس أجمعين ابتغاء مرضاة الله ولذلك طبعته ونشرته ولم أفكر فيما يفكر فيه غيري من الحصول على تقريظه من فطاحل العلماء ليروج بين الناس بل تركت الأمر لله يهدي به كل من يشاء لنفسه الهداية وقد تلقيت من أشخاص لم يكن لي شرف التعرف بهم من قبل من مختلف الأوساط عدة رسائل وكلها مجمعة على استحسانه وإن غلب
الظلمات، فمن أجاب واستعمل المصباح فقد أفاد نفسه وما هذا القرآن إلا بمثابة المصباح أنزله الله للهداية إلى أقوم الطرق ﴿وكذلك﴾ أي مثل ما تراه في هذه السورة من أساليب الإقناع المناسبة لمفاهيم الناس على اختلاف عقولهم وإدراكهم ﴿نصرف الآيات﴾ في سائر القرآن لتعريف الناس بالله وتمكين الثقة به في قلوبهم ﴿وليقولوا﴾ أي عمي البصائر الذين ينكرون رسالتك من عظم إعجابهم بالقرآن لا بد وأن تكون قد ﴿درست﴾ هذا من قبل يا محمد وتعلمته من غيرك فليس هو بوحي منزل عليك كما زعمت، كما حكى الله عنهم هذا صراحة في عدة آيات منها قوله: ﴿وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون قد جاءوا ظلمًا وزورًا﴾.
﴿ولنبينه﴾ أي القرآن بذلك التفصيل في مختلف السور والمناسبات لأجل إيضاحه ﴿لقوم يعلمون﴾ أنه ما دام الكل من عند الله فلا بد أن يكون بعضه موضحًا للبعض الآخر بمعنى أن القرآن يفسر بعضه بعضًا، لا أن يكون بعضه ناسخًا للبعض الآخر ﴿اتبع﴾ أيها الرسول ﴿ما أوحي إليك﴾ أي اعمل به وفسره للناس بسيرتك التي كانت بتوجيه ﴿من ربك﴾ الذي خلقك وساس أمورك. وفي هذا إشارة إلى أن المقصود مما أوحي به إليه إنما هو تربية لنفس رسوله أولًا ومن آمن به واتبع تعاليمه من بعده ثانيًا وذلك لأن الاتباع لا يتم إلا بالعمل بما يعلمه الإنسان، ويأتمر بما يؤمر به. وقرن الله هذا الأمر بكلمة التوحيد حيث قال ﴿لا إله إلا هو﴾ لبيان وجوب ملازمته للدعوة إلى توحيد الألوهية والنهي عن اتخاذ الشركاء له تعالى ﴿وأعرض عن المشركين﴾ أي لا تبال بعد هذا بإصرارهم على الشرك أو الطعن في رسالتك وما أوحي به إليك بمثل قولهم: ﴿درست﴾ لأن هذا لا يؤثر في دعوة الحق الذي لا بد أن يعلو متى وجد له دعاة مخلصون ﴿و﴾ اعلم أيها الرسول أنه ﴿لو شاء الله ما أشركوا﴾ أي لو أن مشيئة الله قد قضت بأن يكون الناس كلهم مؤمنين لما استطاع أحد أن يشرك أو يكفر، لكنه تعالى، وقد منّ على عباده بأعظم نعمة في الحياة وهي نعمة الحرية في العقيدة والقول والعمل، لا يمكن أن يرجع في هبته ويكرههم على الإيمان وعدم الشرك ﴿وما جعلناك عليهم حفيظًا﴾ تحفظ عليهم دينهم وتحول دونهم ودون الزلل حتى تكون مسئولًا عنهم ﴿وما أنت عليهم بوكيل﴾ للدفاع عنهم أمامنا يوم
فلا شك أن الفعل صادر منه بمشيئة الله وأنه ما قتل إلا بقضاء الله وقدره ولكن لا كما يظن من أن الله قد قضى وقدر عليه أن يقتل ولا قدرة له على المخالفة فهو مسير مجبور ومؤاخذ فهذا غير معقول وهذا الظلم الذي نتحاشى نسبته إلى الله بل لأنه إنما قتل بقوة الروح التي جعلته يتحرك ومكنته من القتل والتي لولاها لم يستطع القتل وهي من قضاء لله تعالى ومشيئته وكذلك استعماله السكين التي جعلها الله وسيلة للقتل لم تكن إلا وفق حكم القدر الذي هو من مشيئة الله ولو أنه استعمل القطن مثلًا عند إرادة القتل لم يقتل وقد أشار الله إلى هذا المعنى بقوله: ﴿وما رميت إذا رميت ولكن الله رمى﴾ حيث أثبت الفعل للعبد في الظاهر ونسبه إليه جل وعلا في الواقع ونفس الأمر وهكذا فإني إذ أنسب المشيئة إلى العبد في التركيب بحسب قواعد اللغة لم أخرجها عن مشيئة الله ولم أقل أنها تنفذ بغيرها بل مستمدة منها كما أني إذ أقول إن الإنسان بعمله يدخل الجنة لا أرى فيه تعارضًا مع قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لن يدخل أحدكم الجنة بعمله قالوا ولا أنت يا رسول الله قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته» ذلك لأني أعلم أن الله غني عن العالمين وليس هو بحاجة إلى أعمالهم وإنما هي رحمته تعالى بهم اقتضت أن تجعل من أعمالهم الصالحة سبيلًا لنيل رضوانه ودخول جنانه فإذا هم أكثروا من الصالحات وتجنبوا السيئات واستحقوا دخول الجنة وقيل لهم ﴿ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون﴾ فإنما دخلوها برحمة الله وبمحض فضله لا بأمر خارج عن إرادته ولا بمعنى أن عملهم لا قيمة له كما فهم بعضهم رغم ما أثبته الله له من أثر هو دخول الجنة وهم إذا اقترفوا السيئات وعذبهم الله وفق دستوره الذي أنذرهم به من قبل فما ذلك إلا بمحض عدله كما فصلت ذلك مرارًا وخصوصًا في الصفحة ١٨ و٦٥ من هذا الجزء فنحن جميعًا والحالة هذه متفقون على القول بعقيدة أهل السنة والجماعة من سلفنا الصالح ولكني بما وهبني الله من فهم لمعنى آياته أحاول أن أبسط الحقائق للناس بأسلوب يتمشى مع ما بلغته العقول من إدراك يجعلهم يؤمنون بالله حق الإيمان وينزهونه تعالى بعقولهم عن الظلم والاستبداد ويوفقون بين آيات القرآن وأحاديث الرسول ﷺ ويأبون التفرقة بين العقل والشرع مما يستسيغه القائلون أنه (يجوز على الله عقلًا أن يثيب من عصاه ويعاقب من أطاعه وإن كان هذا ممنوع شرعًا لمخالفته لنصوص الآيات) مع أن ما ذكر مخالف للعقل والشرع معًا في الواقع أما الذين يرون فيما قاله مشايخهم دليلًا مقنعًا لهم على نفي الاستبداد والظلم لله فلا شأن
ويكتب لهم النصر من عنده كما نصر المسلمين في بدر يوم كانوا أذلة وهو القائل: ﴿وكان حقًّا علينا نصر المؤمنين﴾.
بعد أن بين الله الفارق بين ما أراده أصحاب رسول الله من لقاء نفر من رجالات قريش ومصادرة أموالهم وما أراده الله لهم من عز وسؤدد وللإسلام من رفعة وانتشار ليحق الحق ويبطل الباطل بمعنى يثبت الناس أن النصر ما هو إلا من عند الله لا كما كان يتصور المشركون من قريش بأنه ينال بمجرد الاعتماد على قوتهم المادية أخذ يشرح لهم حقيقة الوسيلة التي أكسبتهم ذلك النصر أو السنة التي سنها الله لنيل الإمدادات الخفية من رب البرية فقال ﴿إذ تستغيثون ربكم﴾ أي وإنما نصركم الله في بدر برغم قلتكم وكثرة عدوكم بسبب ما حصل من نبيكم من اللجوء إلى الله ومناشدته النصر من عنده وقد نسب لهم سبحانه الاستغاثة التي كانت من الرسول الذي كان يدعو الله بالنصر في ذلك الوقت بإلحاح إشارة إلى أن لجوء الصالحين في الأمة إلى الله في ساعة الحرب وطلب النصر منه من شأنه أن يكسب النصر للمحاربين في ساحة الوغى برًا بوعده تعالى بالاستجابة لدعاء من دعاه ولذا قال ﴿فاستجاب لكم﴾ أي فحقق الله لكم النصر وشرح وسائله بقوله لرسوله ﷺ ﴿أني ممدكم﴾ بفتح الهمزة وقرئ بكسرها ﴿بألف من الملائكة مردفين﴾ بكسر الدال وقرئ بفتحها أي أردف المسلمين بهم لتأييدهم ثم أنه أراد أن يشعر الناس بالحقيقة في وعد الله لرسوله بإمداده بالملائكة بقوله ﴿وما جعله الله﴾ أي أن ذلك الوعد ما كان ﴿إلا بشرى لكم﴾ باستجابة دعائكم وقرب نصركم وهذا ينفي ما جنح إليه بعض المفسرين وما ورد في بعض الأحاديث الضعيفة من أن الله أنزل الملائكة من السماء تحارب في صفوفهم ﴿ولتطمئن به قلوبكم﴾ القلقة على مصيرها فهذه أول معركة تخوضون فيها الحرب مع أعدائكم الذين يفوقونكم عددًا وعدة ونفوسكم لا تزال متأثرة بالقول المألوف «الكثرة تغلب الشجاعة» فلا سبيل لإزالة الخوف منها إلا عن طريق إخباركم بأن هناك عددًا من الملائكة يوازي عدد أعدائكم سيحاربون في صفوفكم ﴿وما النصر﴾ في الحقيقة ونفس الأمر ﴿إلا من عند الله﴾ دون غيره من الملائكة أو غيرهم كالأسباب الحسية التي يعتمد عليها عادة ويخالونها وحدها تكفل النصر لمن تذرع بها واعتمد عليها ﴿إن الله عزيز﴾ لا ينال ولا تستطيع قوة من القوى المادية أن تقف في وجه ما يملكه تعالى من قوى خفية ﴿وما يعلم جنود ربك إلا هو﴾.
«اكتماهم» وأشار الله إليهم بهذه الآية ثم بين الله لرسوله السبب الذي حملهم على هذا وهو الحسد الذي كان يأكل قلوبهم إذ قال: ﴿وما نقموا﴾ نقم من الشيء أنكره وعابه أي أن أولئك المنافقين لم ينكروا من أمر الإسلام وبعثة الرسول ﷺ شيئًا يقتضي الكراهة والكفر والهم بالانتقام: ﴿إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله﴾ بما نالوه من أموال الغنائم ذلك لأن النفوس الدنيئة من شأنها كفران النعم والإساءة إلى من أحسن إليها: ﴿فإن يتوبوا﴾ أي يطهروا نفوسهم من داء الحسد الذي يتأجج في نفوسهم والذي من أجله كانوا يحاولون قتلك: ﴿يك خيرًا لهم﴾ في الدنيا والآخرة فالحسد من أكبر عوامل الإجرام وقتل الأبرياء، والحسود لا يسود وسبيل الخلاص منه لا يكون إلا عن طريق الإيمان بالله والرضاء بقضائه والشكر لنعمائه والصبر على بلائه وبهذا ينال الإنسان السعادة الكاملة في الحياة الأخرى: ﴿وإن يتولوا﴾ عما دعوا إليه من اقتلاع جذور الحسد من نفوسهم بالإيمان وتجنب النفاق: ﴿يعذبهم الله عذابًا أليمًا في الدنيا﴾ بالاصطلاء بنار الحسد التي من شأنها أن تؤثر في النفس وتهزل الجسم وتعكر على الإنسان صفوه حتى في ألذ ساعات السرور: ﴿والآخرة﴾ جزاء على اعتراضه على الله فيما أنعم به على عباده وفي هذا يقول الشاعر:
@أيا حاسدًا لي على نعمتي
#أتدري إلى من أسأت الأدب
@أسأت إلى الله في حكمه
#لأنك لم ترض لي ما وهب
@فكان جزاؤك أن زادني
#وأغلق دونك باب الطلب
﴿وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير﴾ فقد قضت سنة الله في خلقه أن المنافق الذي لا يثق بأحد لا يثق أحد به ومن لا يخلص لأحد لا يخلص أحد له وكما يدين الفتى يدان.
بعد أن أوجب الله على رسوله جهاد الكفار والمنافقين الذين كانوا يظهرون الرد للإسلام ويخفون بغضه وبين له السبب الذي دعاهم إلى بغضه وهو الحسد الكمين في نفوسهم أراد جل شأنه أن ينبهه إلى أن هناك من الأعمال الكسبية ما من شأنه أن يفسد الأخلاق ويلقي في النفوس
وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (٦) وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُم مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ (٧) وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ (٨) وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ (٩) وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (١٠) إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (١١) فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَن يَقُولُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (١٢) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (١٣) فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أُنزِلِ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ (١٤) مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ (١٥) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (١٦) أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إَمَاماً وَرَحْمَةً أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ (١٧) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (١٨) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (١٩) أُوْلَئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ (٢٠) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ (٢١) لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأَخْسَرُونَ (٢٢) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُواْ إِلَى رَبِّهِمْ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٢٣) مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ (٢٤) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ (٢٥) أَن لاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللَّهَ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (٢٦) فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَراً مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ (٢٧) قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ
قلوبنا نحن القراء الدعاء إلى الله عز وجل أن يمد في عمركم لتواصلوا الجهاد في هذا السبيل وتتموا تفسير القرآن الكريم.
وكتب حضرة الوجيه السيد راغب الكيخيا بالمهاجرين يقول إن أكثر الناس إلى الله قرباهم الأوفق للناس نفعًا، وإن أكرمهم عنده أتقاهم، وما انتفاع الناس بشيء أعظم من موعظة حسنة تنير سبيلهم في الدارين وتشفي علة الظامئين منهم إلى معرفة كنه الوجود، وتطمئن القلوب المضطربة بذكر الله. فطب نفسًا وقر عينًا أيها الأستاذ الجليل والعالم المتفضل بما أسديت لكل عهد وجيل على ما أقدرك المولى على القيام به من تأليف تلك الآثار القيمة وخاصة سيرة سيد ولد آدم التي دبجها براعكم شعرًا والقرآن الكريم تفسيرًا لما ورد بمحكم أحكامه وتوضيحًا لما جاء ببليغ آياته بصورة مبسطة سهلة الاقتباس فطوبى لكم على ما أسديتم للمسلمين من خير وفضل ولمن يريد الهداية من غير المسلمين أن يستنير بقبس هذين الأثرين الخالدين. أمد الله تعالى بحياتكم لتكملوا ما بدأتم به من التفسير وأن يكثر من أمثالكم من العلماء العاملين.
وكتب الأستاذ أبو الوفاء محمد درويش رئيس جمعية أنصار السنة في سوهاج يقول: لقد أعجبني جدًّا كلام سيادتكم في الناسخ والمنسوخ ص ٩٢ من الجزء الحادي عشر وما بعدها مما لم يعالجه أحد قبلكم بهذا الأسلوب الواضح الصريح المطابق للحق فبارك الله في عملكم وفضلكم ونفع الأمة الإسلامية بسديد توجيهاتكم وحكيم إرشاداتكم.
وكتب الأستاذ محمد هاشم الهدية بمكتب الأجازات بإدارة البريد بالخرطوم يقول اطلعت على تفسيركم الجليل الذي يرفع من يقرأه قراءة الدارس إلى مصاف العلماء الفطاحل وعندما اطلعت على ما كتبتموه في تفسير قوله تعالى: ﴿إن هذه تذكرة﴾ شعرت أني أمام فهم جديد يتفق وعدالة الله وتعلقت برسالتكم الهادفة لاستعادة مجد الإسلام وإصلاح شأن المسلمين ورغبت في اقتناء جميع مؤلفاتكم فأرجو الإفادة من مكاتب بيعها في مصر أو سوريا والله يجزيكم عني خير الجزاء وأرجو أن أكون في رعايتكم حتى لا تمر عليّ فرصة دون أن تصلني منكم رسالة.
وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (٦) وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُم مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ (٧) وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ (٨) وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ (٩) وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (١٠) إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (١١) فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَن يَقُولُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (١٢) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (١٣) فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أُنزِلِ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ (١٤) مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ (١٥) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (١٦) أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إَمَاماً وَرَحْمَةً أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ (١٧) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (١٨) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (١٩) أُوْلَئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ (٢٠) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ (٢١) لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأَخْسَرُونَ (٢٢) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُواْ إِلَى رَبِّهِمْ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٢٣) مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ (٢٤) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ (٢٥) أَن لاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللَّهَ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (٢٦) فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَراً مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ (٢٧) قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ
أول ما فرض على الرسول
تهديد المكذبين
التيسير في العبادة
سورة المدثر
أمر الرسول بالقيام بالدعوة
مهمة الرسول مقصورة على العودة
الله والإنسان
عدة خزنة النار
ضلال الله وهدايته
ذكرى وإنذار
اعترافات العصاة باستحقاقهم للعذاب
القرآن تذكرة لمن شاء أن يتذكر
سورة القيامة
مناقشة أسباب الكفر بيوم القيامة
متى تتجلى الحقيقة للمكذبين
وسيلة حفظ الآيات
سر تخاذل المسلمين
الحث على العمل للآخرة
حالة المحتضر
تذكير الإنسان بمبدأ نشأته
سورة الإنسان
خلق الإنسان وحريته الشخصية
ما أعد للكافرين من عذاب
ما سيناله الأبرار جزاء أعمالهم
٣ - مناجاة الله منظومة في التوحيد الخالص وعقائد السلف الصالح.
٤ - في حب الله ورسوله مجموعة قصائد: تحية الحبيب، نهج البردة، همزية الخطيب، بانت سعاد، أحبك يا ربي.
٥ - جوهر الدين في بيان حقيقة الإسلام وقصيدة إلى عموم المسلمين بالعربية والأوردية والألمانية توزع مجاناً.
٦ - تفسير الخطيب المكي يوضح المعنى اللغوي والشرح والمغزى والحكم المستنبط من الآيات طبع منه ٤ أجزاء.
٧ - الإمام العادل تاريخ شامل لحياة صاحب الجلالة الملك عبد العزيز آل سعود وتاريخ الحجاز في نصف قرن جزءان عربي وإنكليزي.
٨ - أسمى الرسالات في حقائق الدعوة الإسلامية وأسرار التشريع مستنبطة من سيرة الرسول ﷺ ودعوته السامية. عربي، أوردو وإنجليزي.
٩ - هل الله مستبد، يبحث في حقيقة القضاء والقدر.
١٠ - مستقبلك في يدك ثلاثة أجزاء متى عرفت ربك، متى فهمت حقيقة نفسك، متى وثقت بنفسك، يرسم لك طريق السعادة بطرق علمية ووسائل عقلية منطقية يؤيدها كتاب الله وسنة رسوله وما وصل إليه العلم الحديث من آراء ومخترعات، لا تجد فيه مجرد أبحاث أفكار بل نتائج ثابتة عن خبرة وتجربة لوقائع حدثت وتحدث لكل من طبق دستور الله.


Icon