لما جهزهم بجهازهم وأعطاهم من الميره وما يحتاجه المسافر قال ائْتُونِي بأخ لكم من أبيكم..... وقيل إن هذا حصل بأنه استدرجهم ليقصوا عليه قصته يعنى من أين أنتم ؟ ومن أنتم ؟ ومن أهلكم ؟ ومن أبوكم ؟ كم عدد الأولاد ؟ كم عدد أفراد الأسرة ؟ هذا شيء وارد أن يسأل وزير التموين أو الشخص المكلف بتوزيع الحصص أو الميره في السنوات العجاف أن يسأل عن عدد أفراد الأسرة لكي يعطيهم على حسب عدد الأسرة. فلما قالوا باقي واحد في البيت فقال حتى أصدقكم هاتوا هذا الذي تقولون أنه باقي في المرة القادمة حتى تكونوا صادقين في الادعاء وإلا لا أعطيكم شيئا أبدا فأوجد عندهم الحافز بأن يأتوا بأخيهم لأنه اشتاق إليه ويريد أن يراه وعلى أية حال يوسف مؤيد بالوحي فما يفعله من الأمور في عدد منها يحتمل أنه وحي من عند الله أوحى به إليه.
٤٩- إكرامُ الضيف وتزويدٌ المسافر بما يحتاج (أَلاَ تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَاْ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ) وأنه ينبغي على المسلم أن تكون هذه عادته المستمرة.( أَلاَ تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ) لكم ولغيركم.
٥٠- جواز اتخاذ الحيلة المباحة للتوصل للمقصود المباح.
فإنه قال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم يعنى الأوعية التي جعلوا فيها الطعام والبضاعة التي وصلوا بها من بلادهم ليشتروا بها الطعام.... اجعلوها في رحالهم وأعيدوها فيها حتى إذا انقلبوا إلي أهلهم وفكوا المتاع عرفوا ذلك بأنهم أخذوا الطعام منا بلا ثمن فيحملهم ذلك زيادة على العودة. فإذا اكتشفوا ذلك سيقولون نسوا أن يأخذوا منا الثمن. الآن لابد أن نرجع ونعيد الثمن إليهم.... يوسف يريدهم أن يرجعوا بأخيه (اجْعَلُواْ بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ). فتوصل بالحيلة المباحة إلى المقصود المباح.