(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مَنَ الْبَيِّنَات وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ الْلاعِنونَ ﴿﴾ إِلا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّاب الرَّحيمُ) ﴿البقرة: ١٥٩-١٦.﴾
وصور كتمان ما أنزل الله تعالى عديدة ومنها صورة السعى إلى اتخاذ مناهج في الدرس لبيان القرآن الكريم لايثطَّلعُ منها على ما في القرآن الكريم من حقائق معانى الهدى ودقائقها ولطائفها، فإن في شغل الناسِ بمثل هذه المناهج صرف لهممهم وجهدهم عن البيان القويم لمعانى القرآن الكريم.
والدرس العربي للقرآن الكريم: كلماته وتراكيبه وصوره والوقوف على منهاج الإبانة فيه يفتقر المرء معه إلى المصابرة والمرابطة وطول التأمل والمراجعة لعل في كل مراجعة ما يطلع على دقيقة من دقائقة ولطيفة من لطائفه التى لاتتناهى، ولعل واحدة منها تكون مفتاح باب الولوج في مقام من مقامات القرب الأقدس، فيكون الأنس بالله تعالى وبكتابه الكريم، فتتحقق الصحبة الحقة لكتاب الله تعالى تلاوة وتدبرًا وتَخَلُّقًًا فيفوز العبد بشرف الأهلية العظمى:
(عنْ أنسٍ بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: " إنَّ للهِ أهْلِينَ مِنَ النَّاسِ قالوا: يارسولَ اللهِ، مَنْ همْ؟
قالَ: "همْ أَهْلُ القُرآنِ أهلُ اللهِ وَخاصَّتُهُ ") ﴿ابن ماجة: المقدمة- ح. ر: ٢١٥﴾
وعلى مقدار تحقيق مقومات أهلية القرآن الكريم تلاوة وتدبرًا وتأدبًا وتَعَلُمًا وتعليمًا يكون مقداردخول العبد في أهل الله تعالى وخاصَّته.