وحثَّ اللهُ عزَّ وعلا وحرَّض على قتال أولئك الناكثين أيمانهم الهامّين بإخراج الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم البادئين بالعدوان، وحذر من خشيتهم ووعد بتعذيبهم بأيدي المسلمين إن أطاع المسلمون أمر ربهم تعالى، وبيَّن أنَّ المشركين لن يكونوا يوما يعمرون مساجد الله تعالى فذلك من شأن المؤمنين وحدهم، وبين أن الجهاد في سبيل الله عز وجل أجل من تعمير المسجد الحرام
وأعلنت السورة عظيم النهي عن الولاء لمن حارب الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وإن كانوا الآباء والأبناء والإخوان والأزواج، فكيف حالنا وقد والينا من مزقوا أعراضنا وداسوا مقدستنا، ثم لايكون منا إلا الإعلان بأنا أمة السلام!!!!
ويؤكد الله عز وجل لنا أنه هو الناصر للإسلام في مواطن كثيرة، وذلك حين يكون المسلمون أهلا لذلك النصر بطاعتهم لله رب العالمين، فيقصُّ الله عز وعلا علينا ما كان في غزوة " حنين" علَّنَا نتخذ العبرة الهادية
ويحثنا على أن نقاتل الذين لايؤمنون بالله ولا باليوم الآخر حتى يخضعوا ويذلوا لسلطان الإسلام، ويقصُّ علينا ما يكون منهم من إفساد في الأرض ليُغْرِينا بقتالهم ومنع فسادهم في هذه الأرض التى استخلفنا فيها لنعمرها
في هذا السياق المنصوب للحث على البراءة من كل ما لايرضي ربنا جلَّ جلالة، وعلى مقاتلة كل من يدعو إلى تلك المفاسد في الأرض جاءت هاتان الآيتان، وفيهما من معانى الهدى ما فيهما وإنِّى أرى أن كلَّ مسلم وقافٍ عندهما لايكاد تقر نفسه بنوم، مادام على غير التحفز إلى ما تدعو إليه الآيتان الكريمتان، وما تُهَدِّدُ به من ليس قائما لما يُغْرَى به، ويحرَّضُ عَلَيْهِ.
آيات السورة كما ترى متناسل تاليها من أولها، فهى تجمع وحدة المقصد والمغزى إلى وحدة البيان إلى وحدة الموضوع، فتحققت فيها هذه الوحدات على نحو لايكاد يغيم فضلا عن أن يغيب.


الصفحة التالية
Icon