أما " الذين آمنوا " فإن الإيمان ما يزال فعلا من أفعالهم، فيحتمل أن يزول وأن يحول، فكانوا بحاجة إلى الإكثار من أمرهم ومن نهيهم
وتلاحظ أن النداء في " أيُّه المؤْمِنُونَ" جاء بقوله " أيه" من غير حرف ندا " يا" وفي حذف حرف النداء دلالة على قرب المنادَى من المنادِي جلَّ جلالُه.
وقد يقوم في صدرك أنه لو كان ذلك كذلك لكان أحق من نودي بحذف حرف النداء معه هو الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، فهو أقرب الخلق عز وجلَّ لمن ناداه سبحانه وتعالى.
قد يقوم ذلك في صدرك، غير أنه قد غام عنك أمرٌ مهم، هو أن في البيان عنه بوصف النبوة أو الرسالة في ندائه، قرينة دالَّة على أن ذكر حرف النداء معه" يا" ليس للتنبيه المترتب عليه القرب والبعد، بل النداء معه للتكريم والتحبب، فهو نداء حبيب لحبيب، ومن ثَمَّ لايكون ذكر حرف النداء معه للتنبيه، ومن ثم لم يناد إلا بـ " يا" الذي هو أم حروف النداء.
وفي قوله (آمنوا) حذف للمتعلِّق بفعل الإيمان، وفيه دلالة على أنهم آمنوا بكل ما أمر الله عز وجل الإيمان به لم يتركوا منه شيئا، لأن من آمن بما أمر الله تعالى بالإيمان به وترك شيئا واحدًا لم يؤمن به فهو كافر لايدخل في زمرة الذين آمنوا
ومن ثَمَّ يتبين لك أن من لم يؤمن بنبي واحد من الأنبياء وآمن بسائرهم، فليس بمؤمن، فتتهاوى مزاعم قوم قد نسبوا أنفسهم إلى العلم بأن من النصارى من هو موحد لايقول بالتثليث، ويؤمن بكل الأنبياء خلا السيد المعصوم خاتم الرسل محمد صلى الله عليه وآله وسلم من أنه في زعمهم نبي العرب وحدهم، وأن من كان كذلك من النصارى فهو موحد من أهل الجنة، زعم ذلك بعض الناس، وما يزال زعمه ينشر في المسلمين


الصفحة التالية
Icon