وبالتقليد أغفل من أغفل منهم والله يغفر لنا ولهم.
ثمَّ يقول رضي الله عنه وأرضاه:
" فعلى كلِّ مسلم أن يتعلم من لسان العرب ما بلغه جَهدُه....
وما ازداد من العلم باللسان الذي جعله الله لسان من ختم به نبوته وأنزل به آخر كتبه كان خيرًا له....
ثُمَّ بين وجه إعلانه هذه الحقيقة العلمية الراسخة في صدر كتابه قائلا:
" وإنما بدأت بما وصفت من أن القرآن نزل بلسان العرب دون غيره لأنَّه لايَعلمُ من إيضاح جُملِ عِلمِ الكتابِ أحدٌ جهلَ سَعةَ لسانِ العربِ، وكثرةَ وجوهِهِ وجِماعَ معانيهِ وتَفرُّقَها.
ومن علِمه انتفت عنه الشُّبَهُ التى دَخلت على من جهلَ لسانها.
فكان تنبيهُ العامَّةِ على أن القرآن نزل بلسان العرب خاصة نصيحةً للمسلمين، والنصيحة لهم فرضٌ لاينبغى تركُه، وإدراكُ نافلةِ خيرٍ لايَدعُها إلا من سفه نفسه وترك موضعَ حَظِّهِ.
وكان يجمع مع النصيحة لهم قياما بإيضاح حقٍ وكان القيامُ بالحقِّ ونصيحةُ المسلمين من طاعةِ اللهِ، وطاعة اللهِ جامعةٌ للخيرِ " (١)
بسطت لك النقل عن بيان الشافعي رضي الله عنه وأرضاه، لتقف ـ أولا ـ بنفسك على بيانه البليغ، فقد كان الشافعي ممن تؤخذ منه اللغة
فهو قرشي قُحٌّ لم يَشُبْ لسانَه هجنة أعجمية أو عامية، وكان عالم لغة وراوية شعر من قبل أن يكون فقيها، فهو الذي أخذ عنه " الأصمعى" شعر الهذليين، فيقوم في صدرك فرق ما بين هذا الإمام الجليل وبين ما يسكب في أذنك صباح مساء من همهمات أعجمية ممن قيل عنهم المفكرون الإسلاميون.
ولتقف ـ ثانيا ـ بنفسك على تقريره الحقيقة العلمية التى لاينبغى أن يُوقَفَ طالبُ علمٍ بمعانى كتاب الله عز وعلا على شيء من قبل أن يوقف عليها وقوفَ تبصرٍ وتدبرٍ وتمثلٍ وتمكنٍ.

(١) - الرسالة: ص٤. ، ٤١، ٤٢، ٤٨، ٤٩، ٥.


الصفحة التالية
Icon