ثالثاً - بعد أن بين الله جل وعلا نهاية طغيان الملك والقوة أمام قوة الله تنتقل الآيات لتبين حقيقة أخرى وغرض آخر وهو نهاية طغيان الكفر، ثُمَّ نهاية طغيان المال وذلك من خلال قصة قارون مع قومه وكان قارون من قوم موسى قال تعالى: ﴿إِنَّ قَرُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِم﴾ ((١)) فخرج على قومه بهيئة المتبختر وهو يحسب انه أوتي هذا المال والعلم عن ذكاء ودهاء فانقسم قومه على فريقين فريق فتن فيه وتمنوا مكانه:
... ﴿قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَوةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَرُون﴾ ((٢)).
... وفريق آخر هم عباد الله الصالحين لم يهتزوا بهذه المظاهر الزائفة ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ﴾ ((٣)).
... وهنا تتدخل قوة الله فتخسف به وبداره الارض فلا يغني عنه ماله وعلمه من الله شيئاً. وقصة قارون مرتبطة كلّ الارتباط بنهاية فرعون وطغيانه، فالقصتان تعبران عن استمرار الانذار الإلهي.
رابعاً - كذلك تعزز السورةغرضاً آخراً، وهو التاكيد على أن الدنيا زائفة فانية، وأن الدار الباقية هي دار القرار (الجنة) جعلها الله للذين لا يريدون علواً في الارض ولا فساداً، وأن العاقبة للمتقين.
خامساً - في ختام السورة هناك وعدٌُ وبشارة للرسول (- ﷺ -) وصحبه الكرام بنصر الله والرجوع الى مكة فاتحاً منتصراً لنشر دعوة الاسلام الى أرجاء المعمورة وإمتلاك زمام الامور في الجزيرة العربية وانتقال مركز القوى من يد الشر الى الخير والى الابد قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ﴾ ((٤)).

(١) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٧٦.
(٢) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٧٩.
(٣) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٨٠.
(٤) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٨٥.


الصفحة التالية
Icon