﴿يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ﴾ قال المراغي: " أي يجعلهم أذلاء مقهورين وهم بنو إسرائيل " ((١)). ﴿يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِ نِسَاءَهُمْ﴾، قال ابن عطية: " يذبِّح مضعف للمبالغة، والعبارة عن تكرار الفعل وقال قتادة: كان هذا الفعل من فرعون بأنه قال له كهنته وعلماءه: إن غلاماً لبني إسرائيل يفسد ملكه. وقال السدي: رأى في ذلك رؤيا فأخذ بني إسرائيل يذبح الأطفال سنين، فرأى أنه يقطع نسلهم، فعاد يذبح عاماً ويستحيي عاماً، فولد هارون في عام الاستحياء، وولد موسى في عام الذبح. وقال وهب بن منبه: إن فرعون ذبح سبعين ألفاً من الأطفال. وقال النقاش: جميع ما قتل ستة عشر طفلاً " ((٢)). والذي يبدو من اختلاف الروايات أنه لا يوجد نص ثابت يبين عدد الأطفال، لذا لا يمكن الجزم بعدد معين، أو ترجيح قول على أخر، ولكن ما جاء في رأي النقاش بعيد عن الحقيقة، وذلك لأن الَقُرْآن الكَرِيم استخدم صيغة المبالغة (يذّبح) للدلالة على المبالغة في الذبح.
﴿وَيَسْتَحْيِ نِسَاءَهُمْ﴾ قال ابن عاشور: " يستبقي حياة الإناث من الأطفال، فأطلق عليهنَّ اسم النساء باعتبار المال إيماء إلى أنه يستحيهن ليصرنَ نساء، فتصلحن لما تصلح له النساء، وهو أن يصرن بغايا إذ ليس لهن أزواج، وإذا كان احتقارهن بصدّ قومه عن التزوج بهنَّ لم يبق لهنَّ حظّ من رجال القوم إلا قضاء الشهوة، وباعتبار هذا المقصد انقلب الاستحياء مفسدة بمنزلة تذبيح الأبناء، إذ كل ذلك اعتداء على الحق " ((٣)).
(٢) المحرر الوجيز: ١٢/١٤٢.
(٣) التحرير والتنوير: ٢٠ /٧٠.