يُذَبِّحُ على التكثير، أي: يَذبح بعضهم إثر بعض ((١))، وذكر الرازي ((٢)) في سبب ذبح الأبناء وجوه:
أحدهما ـ إن كاهناً قال له: يولد مولود في بني إسرائيل في ليلة كذا يذهب بملكه على يده، فولد تلك الليلة اثنا عشر غلاماً فقتلهم. قال وهب: قتل القبط في طلب موسى (- عليه السلام -) تسعين ألفاً من بني إسرائيل. قال بعضهم: " العجب من حمقه لم يدر أن الكاهن إن صدق فالقتل لا ينفع، وإن كذب فلا معنى للقتل " ((٣)).
ثانياً ـ وهو قول السدي: إن فرعون رأى في منامه أن ناراً أقبلت من بيت المقدس، واشتملت على مصر، فأحرقت القبط دون بني إسرائيل، فسأل عن رؤياه، فقالوا: يخرج من هذا البلد الذي جاء بنو إسرائيل منه رجل يكون على يده هلاك مصر، فأمر بقتل الذكور.
ثالثاً ـ إن الأنبياء الذين كانوا قبل موسى (- عليه السلام -) بشروا بمجيئه وفرعون كان قد سمع ذلك، فلهذا كان يذبح أبناء بني إسرائيل، وهذا الذي يرجحه الرازي ((٤)).
ومن صور التصفية الجسدية ما توعده للسحرة الذين آمنوا برب موسى (- عليه السلام -) ﴿قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أنْ آذَنَ لَكُمْ إنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ * لأَقَطِّعَنَّ أيْدِيَكُمْ وَأرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لأصَلِّبَنَّكُمْ أجْمَعِينَ﴾ ((٥))، وهذا أبشع أنواع الظلم ألا وهو مصادرة الحرية الدينية والاعتقادية والفكرية، ففرعون قام بذلك لأنه أحس بالخطر على ملكه من إيمان أقرب الناس إليه وهم سحرته.
ثالثاً ـ الحالة الدينية:
(٢) مفاتيح الغيب: ٢٤/ ٢٢٥.
(٣) الجَامِع لأِحْكَام القُرْآن: ٦/ ٤٩٦٤.
(٤) ينظر مفاتيح الغيب: ٢٤ /٢٢٥.
(٥) سُوْرَة الأَعْرَافِ: الآيتان ١٢٣ –١٢٤.