أخبر جل وعلا فيما سبق من الآيات عن فعل فرعون الشنيع بقتل الأولاد واستحياء النساء، واستضعاف بني إسرائيل وتفرقهم شيعاً لغرض المحافظة على دوام ملكه كما يعتقد، لأن كهنته وعلماءه أخبروه بأنه سيولد مولود من بني إسرائيل يكون زوال الملك على يديه. ثُمَّ عطفه على هذه الأفعال الشنيعة لفرعون. فمنّ الله على عباده المستضعفين بأن يخلصهم من فرعون ويورثهم ملكهم.
وقال البقاعي: " عطف عليه قوله يحكي تلك لحالة الماضية ﴿وَنُرِيدُ﴾، أو هي حالية، أي: يستضعفهم، والحال أنا نريد في المستقبل أن نقويهم، أي: يريد دوام استضعافهم حال إرادتنا ضده من أنا نقطع ذلك بإرادة ﴿أَنْ نَمُنَّ﴾، فكانت إرادة الله فوق إرادة فرعون وملأه وتبقى إرادة الله فوق إرادة الظلمة والمتجبرين
﴿وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ ((١)) " ((٢)).
تحليل الألفاظ
﴿نَمُنَّ﴾ :
من المِنَّةُ " النعمة الثقيلة، ويقال ذلك على وجهين:
أحدهما: أن يكون ذلك بالفعل، فيقال: مَنَّ فلان على فلان، إذا أثقله بالنعمة، وعلى ذلك قوله: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ ((٣))، وذلك على الحقيقة لا يكون إلا لله تعالى.

(١) سُوْرَة آلِ عِمْرَانَ: الآية ٥٤.
(٢) نظم الدرر: ٥/ ٤٦٤.
(٣) سُوْرَة آلِ عِمْرَانَ: الآية ١٦٤.


الصفحة التالية
Icon