لما دل قوله تعالى: ﴿وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ امَّةٍ شَهِيدا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا انَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ ((١)) " على عجزهم في تلك الدار وعلمهم أن المتصرف في جميع الأقدار إنما هو الواحد القهار، دلّ على أن ذلك له أيضاً في هذه الدار وقوع العلم به بالهلاك أولى البطر والمرح والأثر من غير أن يغنوا عمن أضلوا أو يغني عنهم من أضلهم من ناطق، وما أضلهم من صامت تطبيقاً لعموم ﴿وَكَمْ اهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا﴾ ((٢)) على بعض الجزئيات تخويفاً لمن كذب النبي (- ﷺ -)، ولاسيما من نسبة إلى السحر، وإعلاماً بأن الأنبياء ـ عَلَيْهم الصَلاة والسَّلام ـ يقاطعون الأشقياء وإن كانوا أقرب الأقرباء لأنه سبحانه وتعالى عذب قارون ومن كان معه بعذاب لم يسبقهم فيه أحدهم من بني إسرائيل ومن أقرب من بني إسرائيل إلى موسى (- عليه السلام -) " ((٣)). فبعد أن بينت الآيات السابقات تخلي الشركاء يوم القيامة عن الاستجابة لمن اتخذوهم شركاء، وضل عنهم ما كانوا يفترون، يبين الله جَلَّ وَعَلا في هذه الآيات تخلى المال عن صاحبه المغتر به، وانتفاء الانتفاع به، وانعدام الفائدة له في إنقاذه من عقاب الله تعَاَلىَ ليستكمل المعنى أنه لا ناصر إلا الله، ولا معز إلا الله، فنلاحظ الترابط بين الآيات والتلازم بين المعاني.
تحليل الألفاظ
١. ﴿فَبَغَى﴾ :
(٢) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٥٨.
(٣) نظم الدرر: ٥ /٥١٦.