ثانيا: الغنى والفقر لا يعنيان رضا الله أو سخطه على عبدة، إن الله عز وجل يعطي المال للمؤمن والكافر. قال تعالى: ﴿كُلاً نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً﴾ ((١))، فالله جل وعلا رب العالمين، وقد وعد واخبر بأنه ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا﴾ ((٢))، فكل ذي روح يدب على الأرض، فإن الله يرزقه ويهيأ له أسباب تلقى هذا الرزق سواء كان كافراً أو مؤمناً ((٣)). فلا يعني أبداً وجود المال عند شخص ما أن الله راضي عنه، ولا يعني أبداً أن تضيق الرزق على عبد ما أو فقره على سخط الله على هذا العبد. فلقد أعطى الله تعالى المال الكثير والكنوز لقارون، ولم يكن ذلك دليلاً على رضا الله عنه، لأن الله خسف به وبداره الأرض. وقال تعالى: ﴿فَأمَّا الإَنْسَانُ إذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَاكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي اكْرَمَنِ * وَأمَّا إذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أهَانَنِ﴾ ((٤))، فقد أنكر جل وعلا في هذه الآيات على الإنسان اعتقاده إن توسعة الرزق على الإنسان دليل على إكرام الله، أو اعتقاده أنَّ تضيق الرزق على الإنسان دليل على إهانة الله له ((٥)).

(١) سُوْرَة الإِسْرَاءِ: الآية ٢٠.
(٢) سُوْرَة هُوْد: الآية ٦.
(٣) ينظر السنن الإلهية. د. عبد الكريم زيدان. الشركة المتحدة للتوزيع. مؤسسة الرسالة. بيروت. (د. ت).: ص ٢٧٠.
(٤) سُوْرَة الفَجْرِ: الآيات ١٦ - ١٨.
(٥) ينظر المستفاد من قصص القرآن: ١/ ٥٣١- ٥٣٣.


الصفحة التالية
Icon