ثانياً ـ وجهت الآيات من خلال قصة قارون الأغنياء على مساعدة الفقراء عيال الله، فقال تعالى حكاية عن نصيحة المؤمنين لقارون: ﴿وَأحسن كَمَا أحسن اللَّهُ إلَيْكَ﴾. قال ابن كثير: " أي أحسن إلى خلقه كما أحسن هو إليك " ((١))، فالمال هو مال الله، وإحسان منه اختص به بعض عباده، فليقابل من اختصم الله بنعمته بالإحسان إلى الفقراء. قال تعالى: ﴿وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ﴾ ((٢)).
ثالثا ـ كثرة المال قد توقع صاحبه في البغي والبطر، فإن المال فتنة، قال تعالى:
﴿إنَّمَا أمْوَالُكُمْ وَأوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أجْرٌ عَظِيمٌ﴾ ((٣))، فيمتحن الله بهذا المال عباده. " ووجه الفتنة في المال أنه يوقع صاحبه في الشحّ والبخل، وعدم القيام بشكره بإخراج حق الله فيه، كما أن كثرة المال تسهل عليه سبل الترف والطغيان ـوبطر النعمة، فيصير من المترفين الطاغين البطرين " ((٤)).
وهذا ما حصل فعلاً مع قارون، فقد أطغاه المال فبغى على قومه وادعى أنه حصل على هذا المال بعلمه: ﴿قَالَ إنَّمَا آوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي﴾، وليس هذا يعني ان على المسلم أن يبتعد عن المال مخافة أن يطغيه، ولا بأس من أن يمتلك المسلم المال إذا أطاع به الله.

(١) تفسير القرآن العظيم: ٣/ ٣٩٩.
(٢) سُوْرَة النُّوْرِ: الآية ٣٣.
(٣) سُوْرَة التَّغَابُن: الآية ١٥.
(٤) المستفاد من قصص القرآن: ١/ ٥٣٣.


الصفحة التالية
Icon