دلّ قوله تعالى: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ﴾ على إعجاز طبي سبق العلم الحديث بآلاف السنين، وهو الإشارة إلى فائدة الرضاعة الطبيعية للطفل المولود، فقد أكد الأطباء هذه الحقيقة العلمية، وذلك بأن حليب الأم مصدر مهم للطاقة والبروتين، وهو يساعد على وقاية الطفل من المرض، ويساعد كذلك على نمو الطفل العقلي والعاطفي، ويكسب شخصيته توازناً أكبر. وهذا بعض إعجاز القران ((١)).
نلاحظ من النص القرآني أن الله جل وعلا بعد أن نهى أم موسى عن الخوف والحزن ﴿وَلاَ تَخَافِي وَلاَ تَحْزَنِي﴾ أراد الله جل وعلا طمأنتها أكثر من خلال المبشرات التي أعقبت النهي، لتقوية قلبها، وإزالة خوفها وحزنها. فالبشارة الأولى ﴿إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ﴾. وهذا أهم شي يشغل بالها. والبشارة الثانية هي البشارة بمستقبله بأنه سيكون من المرسلين.
ودلت كذلك على التحدي الإلهي بهذا الطفل الرضيع لقوة فرعون وجبروته، وليقتحم به حصون فرعون وجيوشه، فيستدل منه على أن الأمن والخوف بيد الله تعَاَلىَ.
فإذا شاءت إرادة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن يجعل الخوف أمناً كإلقاء أم موسى لطفلها في اليم، وإن شاء جعل الأمن خوفاً كما حصل لفرعون إذ قتل مئات الأطفال ليأمن. ولكن الله جعل من أمنه خوفاً، فأدخل الله موسى (- عليه السلام -) إلى قصر من حرص أن لا يدخله، وقَتَل ما قتل من أجل ذلك.

(١) لحياة أفضل. تأليف مجموعة من الأطباء. هيئة الطفولة. هيئة اليونسيف بالتعاون مع وزارة الصحة العراقية. الطبعة الأولى. ١٩٩٧ م: ص ٢٢ –٢٣.


الصفحة التالية
Icon