دلّ قوله تعالى: ﴿إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنْ الْمُرْسَلِينَ﴾ على أن الأمر كله بيد الله يرفع أقواماً ويضع آخرين. وهذا ما أكدته الآيات اللاحقة من سُوْرَة الْقَصَصِ كقوله تعالى: ﴿وَهُوَ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الآولَى وَالآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ ((١)) وما ختم به سُوْرَة الْقَصَصِ بقوله: ﴿وَلاَ تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لاَ إِلَهَ إِلاَ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ ((٢)) ليؤكد للناس ولأمة هذا القرآن أن القوة لله، فهو المعزّ والمذلّ، وليؤكد مرة أخرى على الترابط القرآني بين أوله وآخره.
المطلب الثاني: سيدنا موسى في بيت فرعون
﴿فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ * وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لاَ تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنفَعَنَا لاَ تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ﴾ ((٣)).
المناسبة
صورت الآيات السابقة مشهد الأم الحائرة الخائفة على ولدها من فرعون وجنوده، ثم يأتيها الإيحاء بالبشرى من الله، وبما يثبت فؤادها ﴿إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنْ الْمُرْسَلِينَ﴾ ((٤))، ثم تبتدئ أولى الخطوات اللازمة في طريق إرجاعه إلى أمه، أن يلتقطه آل فرعون ويرجعونه إلى أمه بعد أن امتنع عن قبول الرضاعة من صدور المربيات والمرضعات، ليكون ذلك سبباً لإرجاعه لأمه لتحقق أولى البشارات.

(١) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٧٠.
(٢) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٨٨.
(٣) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآيتان ٨ - ٩.
(٤) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٧.


الصفحة التالية
Icon