ثانيا ـ إن ما بعد كلمة (آل فرعون) يدلّ على أن من قام بالتقاطه هم أتباع فرعون من جنوه أو خدام قصره. قال تعالى: ﴿لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا﴾، فكلمة (لهم) تدلّ على أن من قام بالالتقاط اكثر من واحد. وقد يسال سائل ويقول: إن كلمة (الآل) لا تستعمل إلا فيما فيه شرف.
والجواب عن ذلك: " إنه مبني على الغالب، أو الشرف فيه أعم من الشرف الحقيقي والصوري. ومعنى التقاطهم إياه (- عليه السلام -) أخذ اعتناء به وصيانة له عن الضياع " ((١)).
٢. ﴿لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا﴾ :
قال ابن كثير: " إن الله تعالى قيضهم لالتقاطه ليجعله عدواً لهم وحزناً، فيكون أبلغ في إبطال حذرهم منه، ولهذا قال تعالى: ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ﴾ " ((٢)).
وقال القاسمي: " إنهم مجرمون، فعاقبهم الله تعالى بأن ربى عدوهم، ومن هو سبب هلاكهم على يديه " ((٣)).
ومن النكت البديعة في الآية أنه دلت على ما يكون عليه آل فرعون من غرقهم في البحر من طرف خفي، فهم قد التقطوه ليكون لهم مغرقاً في البحر، فلا يلتقطه أحد، وهو من شواهد الإعجاز القرآني.
٣. ﴿وَقَالَتْ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ﴾ :
﴿امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ﴾ وهي " آسيا بنت مزاحم بن عبيد بن الريان بن الوليد الذي كان فرعون مصر في زمان يوسف الصديق (- عليه السلام -)، وعلى هذا الرأي لم تكن من بني إسرائيل " ((٤)).

(١) مفاتيح الغيب: ٢٠ /٤٦.
(٢) تفسير القرآن العظيم: ٣ /٣٨٠.
(٣) محاسن التأويل: ١٣ /٤٦٩٧.
(٤) روح المعاني: ٢٠ /٤٧.


الصفحة التالية
Icon