وقال الطبري: " هذا قول لا معنى له لخلافه قول جميع أهل التأويل " ((١)).
وقال أبو حيان: " وهذا فيه بعد، وتبعده القراءات الشواذ التي في اللفظة " ((٢)).
وقد ردّ الشيخ زاده على هذه الردود بقوله: " الحصر ممنوع، فأنه تعالى كما يربط على قلب الجازع الحزين يربط على قلب الواثق بوعد الله تعالى وضمانه، ومعنى الربط على القلب إلهامه الصبر وتقويته، كما يربط على الشيء المتقلب ليقرّ ويطمئن " ((٣)).
القول الرابع: أصبح فؤادها فزعاً، أو نافراً. قاله العلاء بن زياد. وقال الكسائي: ذاهلاً. وقيل: والهاً، قاله سعيد بن جبير، وهو ذهاب العقل. والمعنى أنها حين سمعت بوقوعه في يد فرعون طار عقلها من فرط الجزع والدهش، ونحوه قوله تعالى: ﴿وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ﴾ ((٤))، أي: جوفى لا عقول بها، وذلك أن القلوب مراكز العقول ألا ترى إلى قوله تعالى: ﴿فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا﴾ ((٥)). ويستدلون على قولهم بقراءة من قرأ: (أصبح فؤاد أم موسى فَزعاً) بزاي معجمة ((٦)).
والذي أراه: أن أولى الآراء ملاءمة مع النص القرآني هو قول من قال بأن معناه أن فؤاد أم موسى أصبح فارغاً من كل شيء إلا من هم موسى، بدلالة قوله تعالى: ﴿إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلاَ أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا﴾ من شدة الخوف على ولدها، فلم يبق لها أي تفكير سوى تفكيرها بسلامة ولدها.
٢. ﴿إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ﴾ :
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال في معناها: كادت أن تقول وا أبناه ((٧)).

(١) جامع البيان: ١٠ /٣٦.
(٢) البَحْر المُحِيْط: ٧ /١٠٧.
(٣) حاشية الشيخ زاده: ٢ /٥٠٦.
(٤) سُوْرَة إِبْرَاهِيمُ: الآية ٤٣.
(٥) سُوْرَة الحَجِّ: الآية ٤٦.
(٦) ينظر الجَامِع لأِحْكَام القُرْآن: ٦ /٤٩١٧.
(٧) تفسير ابن أبي حاتم: ٩ /٢٩٤٧.


الصفحة التالية
Icon