أحدهما ـ إن ذلك القبطي إما أن يقال إنه كان مستحق القتل، أو لم يكن كذلك، فإن كان الأول فلم قال: ﴿هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾، ولم قال: ﴿رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ﴾، ولم قال في سورة أخرى: ﴿فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنْ الضَّالِّينَ﴾ ((١)). وإن كان الثاني وهو أن ذلك القبطي لم يكن مستحق القتل، وكان قتله معصية وذنب.
ثانياً ـ إن قوله: ﴿وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ﴾ يدلّ على أنه كان كافراً حربياً، فكان دمه مباحاً، فلم استغفر عنه، والاستغفار عن الفعل المباح غير جائز، لأنه يوهم في المباح كونه حراماً ((٢)) ؟
ورد على هذه الطعونات بعدة أجوبة:
الجواب عن الأول: لم لا يجوز أن يقال: إنه كان لكفره مباح الدم.
أما قوله: ﴿هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾ ففيه وجوه:
أحدهما ـ لعل الله وإن أباح قتل الكافر، إلا أنه قال الأولى تأخير قتلهم إلى زمان أخ، فلما قتل ترك ذلك المندوب، فقوله: ﴿هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾ معناه: قدامي على ترك المندوب من عمل الشيطان.
وثانيا ـ إن قوله هذا إثارة عمل المقتول لا إلى عمل نفسه، فقوله ﴿هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾، أي: عمل هذا المقتول من عمل الشيطان، المراد منه بيان كونه مخالفاً لله تعالى مستحقاً للقتل.
وثالثاَ ـ إن يكون قوله هذا إشارة إلى المقتول، يعني إنه من جند الشيطان وحزبه يقال: فلان من عمل الشيطان، أي: من أحزابه ((٣)).
(٢) ينظر مفاتيح الغيب: ١٢/ ٢٣٥.
(٣) ينظر مفاتيح الغيب: ١٢/ ٢٣٤ –٢٣٥.