قال ابن عاشور: " في مكان غير المكان الذي حل الماء، أي: في جانب مباعد للأمة من الناس، لأن حقيقة كلمة (دون) أنها وصف للشيء الأسفل من غيره ((١)).
﴿امْرَأتَيْنِ﴾. قيل: اسم أحدهما ليا. وقيل: عبرا. وقيل: شرفا. واسم الأخرى صفوريا. وقيل: صفوراء. وقيل: صفيراء ((٢)). ولا أرى فائدة من ترجيح اسم على آخر، فضلاً عن كون ذلك كله من الإسرائيليات.
﴿تَذُودَانِ﴾، أي: تمنعان ما معهما من الأغنام عن التقدم إلى البئر كيلا تختلط بالأغنام الأخرى ((٣)). واختلفوا في علة ذودهما الغنم على وجوه:
أحدها ـ قال الزجاج، لأن على الماء من كان أقوى منهما فلا يتمكنان من السقي.
ثانيها ـ كانتا تكرهان المزاحمة على الماء.
ثالثها ـ لئلا تختلط أغنامهما بأغنامهم.
رابعها: لئلا تختلط بالرجال ((٤)).
﴿قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لاَ نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ﴾
قال ابن عطية: " أي ما أمركما وشأنكما، وكان استعمال السؤال بالخطب إنما هو في مصاب، أو مضطهد، أو من يشفق عليه، أو يأتي بمنكر من الأمر، فكأنه بالجملة في شر، فأخبرتاه بخبرهما وأن أباهما شيخ كبير، فالمعنى أنّه لا يستطيع لضعفه أن يباشر أمر غنمه، وأنهما لضعفهما وقلة طاقتهما لا يقدران على مزاحمة الأقوياء، وإن عادتهما التأني حتى يصدر الناس عن الماء ويخلى وحينئذ تردان " ((٥)).
﴿وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ﴾ وقد أختلف العلماء في اسم هذا الشيخ الكبير إلى الأقوال وهي:
القول الأول ـ قال الجهور: هو شعيب (- عليه السلام -)، وهما ابنتاه.
(٢) روح المعاني: ٢٠/ ٥٩.
(٣) إرشاد العقل السليم: ٧/٨
(٤) مفاتيح الغيب: ١٢/ ٢٣٩
(٥) ينظر جامع البيان: ١٠ /٦١ –٦٢. المحرر الوجيز: ١٢/ ١٥٨. تفسير القران العظيم: ٣/ ٣٨٤. الدَّرُّ المَنْثُوْرُ: ٦/ ٤٠٧-٤٠٨.