ذكر الزمخشري، والرازي ((١)) مجموعة افتراضات لشبه أجابا عنها مدارهما على قول ابنة الشيخ الكبير: ﴿إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا﴾.
الشبهة الأولى:
فان قيل: كيف ساغ لموسى (- عليه السلام -) أن يعمل بقول امرأة، وأن يمشي معها وهي أجنبية؟
الجواب عنها: أما العمل بقول امرأة، فكما يعمل بقول الواحد حراً كان أو عبداً، ذكراً كان أو أنثى في الأخبار، وما كانت إلا مخبرة عن أبيها بأنه يدعوه ليجزيه. وأما مماشاته امرأة أجنبية فلا باس بها في نظائر تلك الحال مع ذلك الاحتياط والتورع.
الشبهة الثانية:
إنه سقى أغنامها تقرباً إلى الله تعالى، فكيف يلق به أخذ الأجرة عليه، فان ذلك غير جائز في المروءة ولا في الشريعة؟
الجواب: إن المرأة وإن قالت ذلك، فَلعَلَّ موسى (- عليه السلام -) ما ذهب إليهم طلباً للأجرة، بل للتبرك برؤية ذلك الشيخ. وروي أنها لما قالت: ليجزيك كره ذلك. ولما قدم إليه الطعام امتنع وقال: (إنا أهل البيت لا نبيع ديننا بدنيانا ولا نأخذ على المعروف ثمناً). حتَّى قال شعيب هذه عادتنا مع كلّ من ينزل بنا. وأيضاً فليس بمنكر أن الجوع قد بلغ به إلى حيث ما كان يطيق تحمله، فقبل ذلك على سبيل الاضطرار.
الشبه الثالثة:
كيف يليق بشعيب النبي (- عليه السلام -) أن يبعث ابنته الشابة إلى رجل شاب قبل العلم بكون ذلك الرجل عفيفاً أو فاسقاً؟
الجواب: لعله (- عليه السلام -) كان قد علم بالوحي طهارتها وبراءتها فكان يعتمد عليها.

(١) الكشاف: ٣/١٧١. مفاتيح الغيب: ١٢ /٢٤١.


الصفحة التالية
Icon