وفيها كناية، فضم الجناح كناية عن التجلد والضبط، وهو مأخوذ من فعل الطائر عند الأمن بعد الخوف، وهو في الأصل مستعار
(استعارة تمثيلية) من فعل الطائر عند هذه الحالة، ثم كثر استعماله في التجلد وضبط النفس حتى صار مثلاً فيه وكناية عنه ((١)).
٣. وهناك التفاته بلاغية أشار إليها الزمخشري في قوله تعالى: ﴿فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ﴾، " فإن قلت: لم سميت الحجة برهاناً؟ قلت: لبياضها وإنارتها من قولهم للمرأة البيضاء: برهرهة بتكرير العين واللام معاً، والدليل على زيادة النون قولهم: أبره الرجل إذا جاء بالبرهان " ((٢)).
المعنى العام
﴿فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِنْ شَاطِئِ الْوَادِي الأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنْ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾
﴿فَلَمَّا أَتَاهَا﴾ يعني: الشجرة حيث قدم ضميرها عليها ((٣)). ﴿نُودِي مِنْ شَاطِئِ الْوَادِي الأَيْمَنِ﴾. قال ابن عطية: " روي أنه كان يمشي إلى ذلك النور فكان يبعد منه تمشي به الشجرة وهي خضراء غضة حتى نودي، والشاطئ والشط ضفة الوادي. وقوله: ﴿الأَيْمَنِ﴾ يحتمل أن يكون من اليمن صفة للوادي أو للشاطئ. ويحتمل أن يكون المعادل لليسار، فذلك لا يوصف به الشاطئ إلا بإضافة إلى موسى في استقباله مهبط الوادي أو يعكس ذلك " ((٤)).

(١) ينظر حاشية الشهاب: ٧/ ٢٩٧. الجدول في إعراب القرآن: ١٠/ ٢٥٤.
(٢) الكشاف: ٣/ ١٧٦.
(٣) الجَامِع لأِحْكَام القُرْآن: ٦/ ٤٩٩٦.
(٤) المحرر الوجيز: ١٢/ ١٦٤.


الصفحة التالية
Icon