ثالثاً ـ الكرامية " إن كلام الله تعالى حادث، فإن القادر على الكلام لا يكون متكلماً، والقدرة على الكلام يكون كلاماً كالقدرة على الحركة ليست بحركة " ((١)).
رابعاً ـ وذهب الإمام الجويني إلى القول أنه " ذهب أهل الحق إلى إثبات الكلام القائم بالنفس، وهو الفكر الذي لا يبدو في الخلد، وتدل عليه العبارات تارة، وما يصطلح عليه من الإشارات ونحوها " ((٢)).
خامساً ـ قال هشام بن الحكم " إن لله تعالى كلاماً، ولا أقول إنه مخلوق أو غير مخلوق وروي عن أبي عبد الله البلخي، وعبد الله بن المبارك أنهما قالا بذلك، وهو مذهب أهل الحديث، وقالوا لا حاجة إلى القول إنه مخلوق أو غير مخلوق " ((٣)).
أما كيف كلم الله موسى (- عليه السلام -) ؟
فقد نقل الرازي آراء العلماء في ذلك:
الأول ـ قول المعتزلة إن الله تعالى متكلم بكلام يخلقه في جسم. احتجوا بقوله تعالى: ﴿مِنْ الشَّجَرَةِ﴾، فهذا صريح في أن موسى (- عليه السلام -) سمع النداء من الشجرة، والمتكلم بذلك النداء هو الله سبحانه وتعالى، متنزه أن يكون في جسم، فثبت أنه تعالى إنما يتكلم بخلق الكلام في جسم ((٤)).
وقد أجاب القائلون بقدم الكلام فقالوا: لنا مذهبان: الأول قول أبو منصور الماتريدي وأئمته ما وراء النهر، هو أن الكلام القديم القائم بذات الله تعالى غير مسموع، إنما المسموع هو الصوت والحرف، وذلك كان مخلوقاً في الشجرة منها، وعلى هذا التقدير زال السؤال ((٥)).

(١) أصول الدين: ص ٥٤.
(٢) الإرشاد إلى قواطع الأدلة: ص ١٠٥.
(٣) أصول الدين: ص ٥٤.
(٤) أصول الدين: ص ٥٩. مفاتيح الغيب: ١٢/ ٢٤٤.
(٥) مفاتيح الغيب: ١٢/ ٢٤٤.


الصفحة التالية
Icon