وقال الجمهور: " إن الله تعالى كلّمه من غير واسطة بدليل قوله تعالى:
﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ ((١))، وسائر الآيات، وأما الذي تمسك به الحسن فضعيف، لأن قوله تعالى: ﴿فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى﴾ ((٢)) لم يكن بالوحي، لأنه لو كان ذلك أيضا بالوحي لانتهى أخر الأمر إلى كلام يسمعه المكلف لا بالوحي والإلزام المتسلسل، بل المراد من قوله تعالى: ﴿فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى﴾ وصيته بأن يتشدد في الأمور التي تصل إليه في مستقبل الزمان بالوحي " ((٣)).
﴿وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلاَ تَخَفْ إِنَّكَ مِنْ الآمِنِينَ﴾
قال ابن عطية: " أمره الله تعالى بإلقاء العصا فألقاها، فانقلبت حية عظيمة ولها اضطراب الجان ـ وهو صغير الحيات ـ فجمعت هول الثعبان، ونشاط الجان. وهذا قول بعضهم. قالت فرقة: بل الجان يعمّ الكبير والصغير، وإنما شبه بالجان جملة العصا لاضطرابها فقط، وولى موسى (- عليه السلام -) فزعاً منها ولم يعقب معناه: لم يرجع على عقبه من توليه فقال الله تعالى: يا موسى اقبل، فأقبل وقد آمن بتأمين الله إياه " ((٤)).
فانقلاب العصا حية أحد المعجزات التي أيد الله بها نبيه موسى (- عليه السلام -).
وذكر الرازي عدة روايات في تبيان العصا سنذكر أهمها:
(٢) سُوْرَة (طَه) : الآية ١٣.
(٣) مفاتيح الغيب: ١٢/ ٢٤٥.
(٤) المحرر الوجيز: ١٢/ ١٦٥.