وقال القاضي: والذي قاله من جهة العادة أقوى، فأما من حيث الدلالة فلا فرق بين معجزة ومعجزتين ونبي ونبيين لأن المبعوث إليه إن نظر في أيهما كان علم وإن لم ينظر فالحالة واحدة، هذا إذا كانت طريقة الدلالة في المعجزتين واحدة، فأما إذا اختلفت وأمكن في أحدهما إزالة الشبه، ما لا يمكن في الأخرى فغير ممتنع أن يختلفا، ويصلح عند ذلك أن يقال: إنها بمجموعها أقوى من إحداهما على ما قاله السدي، لكن ذلك لا يتأتى في موسى وهارون ـ عَلَيْهما السَّلام ـ لأن معجزتهما كانت واحدة لا متغايرة) ((١)).
والذي أراه:
إنه بعد استعراضنا الآيات القرآنية تبين لنا بما لا يقبل الشك أن سيدنا هارون (- عليه السلام -) قد كان رسولاً إلى فرعون وملائه وبني إسرائيل، ومن ذلك يتبين لنا حجم المهمة التي اضطلع بها سيدنا موسى وأخيه، فقد أرسله الله إلى ملك متجبر طاغية ضرب به المثل في الظلم والتكبر حتى أداه تكبره إلى ادعاء الربوبية. قال تعالى: ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاأَيُّهَا الْمَلاَ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾ ((٢)).
فإن رسالتها رسالة واحدة، قال تعالى في سورة طه: ﴿فَأْتِيَاهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ﴾ ((٣)). وفي الشعراء: ﴿فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ ((٤)). وقال في سورة طه: ﴿قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ﴾ ((٥))، ففي هذه الآيات وآيات آخر دلالة على أن مهمتهما كانت مهمة واحدة.
ما يستفاد من النصّ
نستطيع أن نستنبط المعاني الآتية مما مرّ من الآيات القرآنية.

(١) مفاتيح الغيب: ١٢/ ٢٤٩- ٢٥٠.
(٢) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٣٨.
(٣) سُوْرَة (طَه) : الآية ٤٧.
(٤) سُوْرَة الشُّعَرَاءِ: الآية ١٦.
(٥) سُوْرَة (طَه) : الآية ٤٧.


الصفحة التالية
Icon