بعد أن ذهب إلى مدين واتصل بالشيخ الكبير والد البنات وقص عليه قصته فطمأنه: ﴿لاَ تَخَفْ نَجَوْتَ مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ ((١)).
وبعد البعثة طلب المعونة من الله أن يرسل معه أخوه هارون ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِي﴾ ((٢)).
ونلاحظ في سورة النمل أنه لم يرد ذكر للخوف إلا في مقام العصا: ﴿يا يَا مُوسَى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ﴾ ((٣)). وانما اخترنا سُوْرَة النَّمْلِ نموذجاً للمقارنة بين القصتين، وقد وضعنا الجدول في أول المطلب لتسهيل المقارنة.
المبحث الثاني: موقف فرعون وقومه من دعوة سيدنا موسى (- عليه السلام -)
المطلب الأول: اتهام سيدنا موسى بالسحر
﴿فَلَمَّا جَاءهُمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلاَ سِحْرٌ مُفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الأَوَّلِينَ * وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جَاءَ بِالْهُدَى مِنْ عِنْدِهِ وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾ ((٤)).
المناسبة
لقد بينت الآيات السابقات أن الله جل وعلا قد وعد سيدنا موسى بأن يجيب طلبه ودعائه بأن يحميه من فرعون وملائه، وأن يرسل معه أخوه هارون معيناً:
﴿قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلاَ يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنْ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ﴾، وليبين جل وعلا سرعة امتثال موسى وهارون لأمر الله قال: ﴿فَلَمَّا جَاءهُمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلاَ سِحْرٌ مُفْتَرًى﴾.

(١) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٢٥.
(٢) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٣٤.
(٣) سُوْرَة النَّمْلِ: الآية ١٠.
(٤) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآيتان ٣٦ - ٣٧.


الصفحة التالية
Icon