ثانياً ـ نلاحظ التشابه الواضح في رد فعل قوم فرعون من دعوة سيدنا موسى (- عليه السلام -) واتهامهم له بالسحر في قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاءهُمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلاَ سِحْرٌ مُفْتَرًى﴾، ورد فعل كفار قريش من دعوة المصطفى
(- ﷺ -) وعجزهم عن معارضته لما رأوا فصاحة القران وبلاغته، نسبوه إلى السحر قال تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ﴾ ((١))، فعلى الدعاة أن لا يضجروا من عدم استجابة من يدعونهم إلى الله، فالناس بطبيعتهم يختلفون في مدى استعدادهم للاستجابة لصوت الحق وفي سرعة هذه الاستجابة، فمن الناس من يقبل الحق بدون تردد، ومن الناس من لا يقبل الدعوة إلى الله ويظل يقاومها ثُمَّ يقبلها بعد ذلك، فعلى الداعي أن يفقه ذلك، ولا يتعجب ولا ييأس من الاستجابة له حتَّى من أعتى الناس وأشدهم مقاومة للدين ((٢)).
وكذلك ما ورد أيضا من تشابه بين ما جاء في خطاب سيدنا موسى
(- عليه السلام -) لقومه: ﴿وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جَاءَ بِالْهُدَى مِنْ عِنْدِهِ وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ﴾.
وما ورد من خطاب الرسول محمد (- ﷺ -) للمشركين بقوله: ﴿وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ * قُلْ لا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ * قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ﴾ ((٣)).
وهو يرجح ما ذهبت إليه.

(١) سُوْرَة الزُّخْرُفِ: الآية ٣٠.
(٢) ينظر المستفاد من قصص القران: ١/ ٣٧٦.
(٣) سُوْرَة سَبَأ: الآيات ٢٤-٢٦.


الصفحة التالية
Icon