أي: وقال فرعون منكراً لما أتى به موسى (- عليه السلام -) من توحيد الله وحده وعبادته، فقد اخرج ابن أبى حاتم عن ابن عباس (رضي الله عنهما) قال: " لما قال فرعون: ﴿يَا أَيُّهَا الْمَلأَ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾ قال جبريل (- عليه السلام -) : يا رب طغى عبدك، فأذن لي في هلاكه، قال: يا جبريل هو عبدي ولن يسبقني له أجل قد أجلته حتى يجيء ذلك الأجل، فلما قال: ﴿أَنَا رَبُّكُمْ الأَعْلَى﴾ ((١)) قال جبريل: قد سكنت روعتك بقى عبدي وقد جاء أوان هلاكه " ((٢))
﴿فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنْ الْكَاذِبِينَ﴾
" أي أطبخ لي يا هامان الآجر، فعن ابن عباس (رضي الله عنه) وقتادة: هو أول من صنع الآجر وبنى به " ((٣)).
وقد اختلف العلماء في فرعون هل بنى الصرح أم لا؟
١. فقال قوم: إنه بناه، " فقالوا إنه لما أمر ببناء الصرح جمع هامان العمال حتَّى اجتمع خمسون ألف بناء سوى الاتباع والأجراء، وأمر بطبخ الآجر والجص، ونجر الخشب وضرب المسامير، فشيدوه حتَّى بلغ ما لم يبلغه بنيان أحد من الخلق فبعث الله تعالى جبريل (- عليه السلام -) عند غروب الشمس فضربه بجناحيه فقطعه ثلاث قطع " ((٤)).
ونقل الآلوسي رواية عن السدي " بأنه لما بنى له الصرح ارتقى فوقه، وأمر بنشابة فرمى بها نحو السماء فردت إليه وهي متلطخة دماً فقال: قتلت إله موسى " ((٥)).

(١) سُوْرَة النَّازِعَاتِ: الآية ٢٤.
(٢) ينظر تفسير ابن أبي حاتم: ٩/ ٢٩٧٩. والأثر لم أقف عليه في كتب الأحاديث والآثار.
(٣) ينظر الجَامِع لأِحْكَام القُرْآن: ٦/ ٥٠٠٤ وما بعدها.
(٤) مفاتيح الغيب: ١٢ /٢٥٣.
(٥) روح المعاني: ٢٠ /٨٠.


الصفحة التالية
Icon