وتطيل الرواية التوراتية في الفقرة الثالثة عشر في قصة الاستسقاء بينما توجز ذلك الرواية القرآنية وتجعل موسى (- عليه السلام -) في صورة الحيي الكريم ـ عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام ـ.
وفي الفقرة الرابعة عشر يجري الحوار بين شعيب (- عليه السلام -) وبين بناته، أما الرواية القرآنية فهي من الإعجاز الوصفي بمكان عالٍ جداً إذ تقول هذه الرواية الإلهية ـ ومن أصدق من الله قيلاً ـ ﴿فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ﴾ ولا وصف أبلغ من هذا الوصف الإلهي لحياء هذه الفتاة المؤمنة وهو ما أتى بصيغة الحال.
وتظهر الفقرة الخامسة عشر رضا موسى (- عليه السلام -) بالمقام عند شعيب
(- عليه السلام -)، وتعلن أن نتيجة هذا المقام الزواج. أما الرواية القرآنية فتظهر أن الخاطب هو والد الفتاتين، أي: شعيب (- عليه السلام -) مقابل تأجير موسى (- عليه السلام -) لنفسه لديه ثماني أو عشر سنين، والنصّ القرآني أبلغ وأفصح وأبين.
أما الفقرة السادسة عشر فهي تتناقض في الرواية التوراتية التي تجعل يوم إنزال الوحي هو يوم سوق الغنم إلى جبل الله حوريب مع الرواية القرآنية التي تجعل ذلك بعد قضاء موسى (- عليه السلام -) الأجل وسيره نحو جبل الطور في سيناء، ولا ريب أن تغيير الحقيقة الواحدة من قبل حاخامات بني إسرائيل الذين يحرفون الكلم عن مواضعه إنما كان لمآرب إسرائيلية. وبذلك يتبين لنا أن التحديد القرآني للطور بأنه يوم بدء الوحي لموسى (- عليه السلام -) هو الحقيقة التاريخية المطلقة والمهيمنة على النصّ والرواية التوراتية في سفر الخروج الذي تعرض لتحريف شديد.
أما الفقرة الثامنة عشر في الرواية التوراتية فتجعل نداء الرب من وسط شجرة العليق، والرواية القرآنية تجعل النداء الإلهي من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة، وهو تحديد فيه البلاغة كلّ البلاغة والفصاحة كلّ الفصاحة.


الصفحة التالية
Icon