وإن ذكر قصة سيدنا موسى (- عليه السلام -) وما جرى للمكذبين له من عقاب بشارة للرسول (- ﷺ -) أن النصر هو حليف المؤمنين مهما عظمت قوة الكافرين. ومن هذا يتبين لنا الإعجاز القرآني في اختيار الآيات والكلمات والمعاني في مواقفها الخاصة بها، وجاء ذكر سيدنا موسى (- عليه السلام -) كدليل على صدق رَسُول الله (- ﷺ -)، ولوجود توافق كبير بين حياة النبيين الكريمين ـ عَلَيْهما الصَلاة والسَّلام ـ وللتشابه في الظروف التي مرت بهم، وهذا ما سنبينه لاحقاً إن شاء الله تعالى.
فمع وجود قصتين في السورة بينهما زمن طويل، إلاَ أَن السورة جاءت بأحداث القصتين فيها ترابط، وبين آياتها تناسب في دلالتها بحيث وظفت قصة سيدنا موسى (- عليه السلام -) توظيفاً رائعاً للاستدلال بها على صدق الرَّسُول (- ﷺ -) وصدق دعوته.
أسباب النزول
ذكر الطبري في سبب نزول قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاءهُمْ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلاَ أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ﴾ عن مجاهد، قال: اليهود تأمر قريشاً أن تسأل مُحَمَّداً مثل ما أوتي موسى، يقول الله لمحمد (- ﷺ -) : قل لقريش يقولوا لهم: أو لم يكفروا بما أوتي موسى من قبل ((١)) ؟