﴿وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾
" أي: كما لم تحضر جانب المكان الغربي إذ أرسل الله موسى إلى فرعون، فكذلك لم تحضر جانب الطور إذ نادينا موسى لما أتى الميقات " ((١)).
﴿وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ﴾ " أي: لكن أرسلناك بالقرآن الناطق بما ذكر رحمة عظيمة كائنة منا لك وللناس " ((٢)).
وذكر الرازي لطيفة من لطائف القرآن الكريم الكثيرة، وهي " إنه تعالى لما بين قصة موسى (- عليه السلام -) قال لرسوله: ﴿وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ﴾، و ﴿وَمَا كُنتَ ثَاوِيًا﴾، و ﴿وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ﴾، فجمع تعالى بين كل ذلك، لأن هذه الأحوال الثلاثة هي الأحوال العظيمة التي اتفقت لموسى (- عليه السلام -)، إذ المراد بقوله: ﴿وَمَا كُنتَ ثَاوِيًا﴾ أول أمره، والمراد ناديناه وسط أمره، وهو ليلة المناجاة لما بين تعالى أنه (- عليه السلام -) لم يكن في هذه الأحوال حاضراً، بين تعالى أنه بعثه وعرفه هذه الأحوال رحمة للعالمين، ثم فسر تلك الرحمة بأن قال: ﴿لِتُنذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ﴾ " ((٣)).
﴿لِتُنذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾
" أي: لم يأتيهم نذير لوقوعهم في فترة بينك وبين عيسى، وهي خمسمائة وخمسون سنة " ((٤)).
وفي الآية اقتضاء لرسالة محمد (- ﷺ -) بتذكيره (- عليه السلام -) بإنذاره كفار قريش الذين لم يأتهم نذير ليتذكروا ذلك، وهذا من بديع الأسلوب القرآني.
(٢) تنوير الأذهان: ٣ /١٤٩.
(٣) مفاتيح الغيب: ١٢ / ٢٥٨.
(٤) تنوير الأذهان: ٣ /١٤٩.