رابعاً. نستدل من سياق الآيات على الحاجة الماسة في حياتنا المعاصرة للأخذ بالوعي الإلهي المنزل على رسول الله (- ﷺ -) في الدين والدنيا والنفس والمجتمع، لأن ذلك مما يعين على إدراك الاستقرار الروحي الذي نحن جميعاً بأمس الحاجة إليه اليوم.
خامساً. إن تلك المعاني القديمة تدل فيما تدل عليه أن التواصل الحضاري لا زال قائماً بين الأمم، وأن الأمم تنسى بمرور الزمن أحداثاً ما كان لها أن تنساها بدلالة قوله تعالى: ﴿فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمْ الْعُمُرُ﴾ وأن للأمم كلها على اختلافها لهم سنن ثابتة في حياتها الحضارية.
المطلب الثاني: إيمان طوائف من أهل الكتاب بدعوته (- ﷺ -)
﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (٥٢) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (٥٣) أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (٥٤) وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ﴾ ((١)).
المناسبة
نلاحظ أن النص القرآني يعرض في هذه الآيات والتي قبلها صوراً مختلفة للإيمان وللسلوك الخلقي.
الصورة الأولى متمثلة في كفر كفار قريش وتكذيبهم للرسول (- ﷺ -) مستعينين باليهود على اختلاق الحجج الواهية وزرع الشكوك في نفوس المؤمنين كما مرّ في الآيات السابقة.

(١) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآيات ٥٢ - ٥٥.


الصفحة التالية
Icon