الآخر ـ إنها نزلت في أربعين رجلاً من أهل الإنجيل كانوا مسلمين بالنبي (- ﷺ -) قبل مبعثه اثنان وثلاثون رجلاً من الحبشة أقبلوا مع جعفر بن أبي طالب وقت قدومه، وثمانية قدموا من الشام منهم بحيرة، وغبرهة، والأرشف، وعامر، وايمن، وإدريس، ونافع، فأنزل الله فيهم هذه الآية، والتي بعدها إثر قوله: ﴿أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا﴾ ((١)).
ونقل القرطبي رواية عن عروة بن الزبير أنها نزلت في النجاشي وأصحابه، ووجه باثني عشر رجلاً، فجلسوا مع النبي (- ﷺ -)، وكان أبو جهل وأصحابه قريباً منهم، فآمنوا بالنبي (- ﷺ -)، فلما قاموا من عنده تبعهم أبو جهل ومن معه، فقال لهم: خيبكم الله من ركب، وقبحكم من وفد، ولم تلبثوا أن صدقتموه، وما رأينا ركباً أحمق منكم ولا أجهل، فقالوا: ﴿سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ﴾، لم نأل أنفسنا رشداً.
﴿لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ﴾ ((٢)).
ولا يمكن ترجيح رواية على أخرى، ولكن الذي أراه مناسباً أنها نزلت عامة فيمن كان قبل رسالة النبي (- ﷺ -) على دين سماوي ولما جاء المصطفى (- ﷺ -) آمنوا به وأوذوا في سبيل الإسلام أشد الأذى فصبروا.
تحليل الألفاظ
١. ﴿يُؤْمِنُونَ﴾ :
الإيمان ضد الكفر والإيمان بمعنى التصديق ضده التكذيب يقال: آمن به قوم وكذب به قوم.
(٢) الجَامِع لأِحْكَام القُرْآن: ٦ /٥٠١٢.