ونحن نرى أن القضايا البلاغية في هذه الآيات هو ما يتمثل في قوله تعالى: ﴿وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ﴾ آفاق في الكلام تقديماً وتأخيراً إذ الأصل يدرءون السيئة بالحسنة، ولكن لما كان ذكر الحسنة مقدماً بلاغياً على ذكر السيئة قدمت الحسنة وأضيف لهما باء الجر.
المعنى العام للآيات
﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ﴾
قال الماوردي: " في معناها وجهان:
أحدهما ـ يعني الذين آتيناهم التوراة والإنجيل من قبل الَقُرْآن وهم بالقرآن يؤمنون قاله يحيى بن سلام.
الثاني ـ الذين آتيناهم التوراة والإنجيل هم بمحمد (- ﷺ -) يؤمنون، قاله ابن شجرة " ((١)).
وهاهنا يثور سؤال مهم: هل المقصود بالذين آتيناهم الكتاب اليهود وحدهم أم اليهود والنصارى؟
والذي أراه أن سياق الآيات يدلّ على أن المقصود جميع أهل الكتاب من يهود ونصارى على اختلاف مشاربهم، فكلهم يعرفون رَسُول الله (- ﷺ -) كما يعرفون أبنائهم، ولكن كفر من كفر منهما حسداً وحقداً وغلاً " ((٢)).
﴿مِنْ قَبْلِهِ﴾، أي: من قبل الَقُرْآن. وقيل: من قبل مُحَمَّد (- ﷺ -) ﴿هُمْ بِهِ﴾، أي: بالقرآن أو بمحمد (- ﷺ -) ﴿يُؤْمِنُونَ﴾ ((٣)).

(١) النُّكَت والعُيون: ٣ /٢٣٢.
(٢) ينظر مُحَمَّد في الكتاب المقدس. عبد الأحد داود. الطبعة الثالثة. قطر. الدار الإسلامية. ١٤٠٤ هـ.: ص ١١٥.
(٣) الجَامِع لأِحْكَام القُرْآن: ٦ /٥٠١٣.


الصفحة التالية
Icon