قال البقاعي: " ولما عجب من حال قريش في طلبهم من الآيات مثل ما أوتي موسى (- عليه السلام -)، ثُمَّ كفرهم به، وبما هو أعظم منه، وختم بِأَنَّهُ أعلم بأهل الخير وأهل الشرّ إلى الإعراض عن الأسف على أحد، والإقبال على عموم الدعاء للقريب والبعيد على حد سواء، قال دليلاً لأنهم إنما يتبعون أهوائهم عاطفاً على قولهم: ﴿لَوْلاَ أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى﴾ ((١))، ﴿وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعْ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا﴾ ((٢))، كان الرد بقوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا﴾ " ((٣)). ومناسبة هذه الآيات على موقعها أنها جاءت لبيان حال قريش في كفرهم برسول الله (- ﷺ -)، وكيف أن الله بين تفاهة حججهم بعد تعداد نعمه عليهم.
ثُمَّ دعتهم الآيات إلى الاعتبار بإهلاك الله للأمم السابقة لأنهم تنكروا لنعم الله، وبطروا بها، فنلاحظ كيف أن الآيات جاءت متناسقة متناسبة فيما بينها، ولتعطي القارئ صورة لعناد قريش، ثُمَّ تربطه بما جرى للأمم السابقة لغرض العبرة والعظة، ولكي يستمر الاتعاض بها في كلّ زمان ومكان من خلال نبذها للدنيا، وتذكير الإنسان بأن ما عند الله خير وأبقى ((٤)).
أسباب النزول

(١) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٤٨.
(٢) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٥٧.
(٣) نظم الدرر: ٥ /٥٠٢.
(٤) ينظر مُحَمَّد والقوى المضادة. مُحَمَّد أحمد خلف الله. الطبعة الثالثة. القاهرة. ١٩٨٢ م: ص ٤٢ –١٤٣.


الصفحة التالية
Icon