فإن سياق المعنى في الآية هو خطاب أهل مكة من الكفار والمشركين لرسول الله (- ﷺ -)، والملاحظ أن الصيغة التي أتت بها بعض ألفاظها تحمل إعجازاً محسوساً في حد ذاتها فقوله تعالى: ﴿نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا﴾ يكاد أن يشخص حالهم بين الخوف والاستهزاء، وهو ماتنبه له بعض المفسرين المعاصرين فقال: " وقوله تعالى: ﴿نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا﴾ مشعر في جوهره ومضمونه أنهم ـ أي الكفار من قريش ـ مزجوا رفضهم الانكاري بمحاولة إبراز ما في دواخل أنفسهم من خوف من أنهم إِذَا ما اسلموا اخرجتهم العرب من الحرم ـ هكذا تصوروا وزعموا ـ فمنّ الله عليهم بتمكين الحرم، ووصف أكثرهم بعدم العلم " ((١)).
فتوجيه المعنى واضح هنا كلّ الوضوح في سياقه من سُوْرَة الْقَصَصِ، ونحن في توجيهنا للمعنى العام نلاحظ أن هنالك تواصلاً بين قصة موسى (- عليه السلام -) وهذه الآية، فبنو اسرائيل بعد أن أنجاهم الله تعالى من فرعون وجنوده جادلوا رسولهم ورفضوا دخول الارض المقدسة. والسياق التعبيري القرآني يشعر في بعض معانيه بأن حال هؤلاء كحال هؤلاء ((٢))، أي: إن بني إسرائيل كادوا يتخطفون في رفضهم دخول الأرض المقدسة، وهو أمر إلهي.
(٢) ينظر التفسير الحديث. مُحَمَّد عزة دروزة. الطبعة الرابعة، بيروت، لبنان. ١٩٨٤ م: ٧/١١٨.