ونحن نعتقد أن الأسلوب القرآني في سورة القصص من أولها إلى أخرها جاء في شكل من أشكال التعبير الإنسيابي الذي فتح المعنى الكامن في سياق الألفاظ؛ ليتوجه تأويل قدماء المفسرين ومحدثيهم، فالمعنى في سورة القصص يجري في شكل يأخذ بمجامع القلوب.
وقد تنبه دارسو الأسلوب القرآني على حقيقة ذلك، وقرروا أن نص آيات سورة القصص في أسلوبه يحمل من أوجه الإعجاز ما يفتح المعاني لتنساب انسياباً وفق البناء اللغوي المعنوي ((١)).
وقد وجدنا أثناء التحليل الشمولي لسورة القصص أن في ضمن آياتها معاني لا تتأتى من مجرد القراءة الأولى ولا الثانية، بل تحتاج إلى قراءات وقراءات ليتفتح للعقل من إعادة استقرائها استنباط إشارات النص وهو أمر يمس توجيه المعنى يحبث يكون متواصلاً ومترابطاً معه، ولا بأس باستعراض نموذج سوى ما قدمناه في استعراضنا للنماذج الأخرى المنتقاة من سورة القصص، قال تعالى: ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ ((٢)).
فإن سياق الآية في توجيهها المعنوي يختلف عن آيات أخرى جاءت بالمعنى نفسه في مواضع أخرى من القرآن الكريم، مثل قوله تعالى: ﴿وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ ((٣))، وقوله تعالى: ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ ((٤)).

(١) ينظر دراسات في أساليب القرآن الكريم. مُحَمَّد عبد الخالق عظيمة. الطبعة الثالثة. مَكْتَبَة الخانجي بالقاهرة. ١٩٨٦ م: ٥ / ٣٥١.
(٢) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٦٨.
(٣) سُوْرَة النَّحْلِ: الآية ٨.
(٤) سُوْرَة الرَّعْدِ: الآية ١٦. سُوْرَة الزُّمَرِ: الآية ٦٢.


الصفحة التالية
Icon