وقال القرطبي: " والوقف التام على (ويختار). وقال علي بن سليمان: هذا وقف التمام ولا يجوز أن تكون (ما) في موضع نصب بـ (يختار)، لأنها لو كانت في موضع نصب لم يعد عليها شيء. قال: وفي هذا ردّ على القدرية. قال النحاس: التمام: ويختار، أي: ويختار الرسل ﴿مَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ﴾، أي: ليس يرسل من اختاروه هم. قال أبو إسحاق: ويجوز أن تكون (ما) في موضع نصب بـ (يختار)، ويكون المعنى: ويختار الذي كان لهم فيه الخيرة.
وقال القشيري: الصحيح الأول لإطباقهم على الوقف على قوله: (ويختار).
وقال المهدوي ـ وهو أشبه بمذهب أهل السنة ـ: و (ما) من قوله:
﴿مَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ﴾ نفي عام لجميع الأشياء أن يكون للعبد فيها شيء سوى اكتسابه بقدرة الله عز وجل.
وأجاز الزجاج، وغيره: أن تكون (ما) منصوبة بـ (يختار)، وأنكر الطبري أن تكون (ما) نافية لئلا يكون المعنى: إنهم لم تكن لهم الخيرة فيما مضى، وهي لهم فيما يستقبل، ولأنه لم يتقدم كلام بنفي.
قال المهدوي: ولا يلزم ذلك، لأن (ما) تنفي الحال والاستقبال كـ (ليس)، ولذلك عملت عملها … فـ (ما) على هذا لمن يعقل، وهي بمعنى الذي.
و (الخيرة) رفع بالابتداء، و (لهم) الخبر، والجملة خبر كان وشبهه بقولك: كان زيد أبوه منطلق. وفيه ضعف إذ ليس في الكلام عائد يعود على اسم كان، إلا أن يقدر فيه حذف، فيجوز على بعد " ((١)).
قال السمين الحلبي: " ﴿مَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ﴾ فيه أوجه:
الأول: أن (ما) نافية، فالوقف على (يختار).
الثاني: (ما) مصدرية، أي: يختار اختيارهم، والمصدر واقع موقع المفعول به، أي: مختارهم.