إن هيمنة فرعون قديماً، وأميركا حديثاً واستمرارية ذلك يوضحها في سورة القصص قوله تعالى: ﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلاَ قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ﴾ ((١))، بمعنى إننا نستنتج من هذه الآية أن كل قرية (دولة، أمة)، إذا ما بطرت معيشتها سيكون مصيرها الهلاك، وأميركا دولة باطرة مبطرة، وأمثلة بطرها كثيرة، منها أنها تلقي فائض غذائها في البحر بطراً وعدواناً.
وتوضح آيات سورة القصص أن هيمنة فرعون، وبالتالي الهيمنة الأميركية عاقبتها الإهلاك بعد الإنذار، ونجد في العصر الحديث أن أميركا لها من ينذرها من المسلمين، والنصارى المخلصين من الوعاظ الحقيقيين، ولكنها في طغيانها لا ترجع من ذلك الطغيان ((٢)). يقول عزَّ وجلَّ: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ في أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلاَ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ﴾ ((٣))، وأي ظلم أشد من الظلم الأميركي اليوم، فكأن هذه الآية تنطق بحال هذا العصر مثلما نطقت بحال العصر الذي وصفته بصورة عامة، وذلك وجه من أوجه الإعجاز القرآني ((٤)).

(١) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٥٨.
(٢) إعاقة الديمقراطية. نعوم تشومسكي. مركز دراسات الوحدة العربية. ١٩٩٩ م: ص ١٨٧ -١٨٨.
(٣) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٥٩.
(٤) ينظر الإسلام حضارة الغد. يوسف القرضاوي. الطبعة الثالثة. المكتب الإسلامي. بيروت، لبنان. ١٤١٨ هـ.: ص ٥٠ الإسلام ومشكلات الحضارة. سيد قطب.. دار الشرق. بيروت، لبنان. (د. ت) : ص ١٤٩.


الصفحة التالية
Icon