واقتصاد العولمة المحرر ادعى إلى بطر في المعيشة بفعل الرخاء الغربي، حيث يتنعم الغرب وأميركا والشمال، ويتضور المسلمون والأفارقة والجنوب من الجوع، ولقد بطرت أميركا باقتصادها حتَّى صارت تفرض ما غيرته من خلق الله عزَّ وجلَّ بإدراجها مبرراً فرض قبول الأغذية المعدلة وراثياً في مساعداتها للدول النامية. ونحن نجد مثل ذلك في قوله تعالى: ﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا من قرية بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ من بَعْدِهِمْ إِلاَ قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ﴾ ((١))، مع قوله تعالى: ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ﴾ ((٢))، بمعنى أن ما تقوم به أمريكا في هذا العصر إنما مآله الانتهاء بالاندحار.
وهذه الآية تدل فيما تدل عليه أن الاقتصاد البطر (في عصر اقتصاد العولمة) مصيره الهلاك، وهو عين الدستور القرآني في كون الأمم التي تظلم نفسها بجحود النعم، وكفران الله عزَّ وجلَّ، تنقلب بها الأحوال من حال إلى حال، وقد حدث ذلك في عصرنا للاتحاد السوفيتي السابق سنة ١٩٩١ م، وسيكون ـ إن شاء الله العلي العظيم ـ كما تدل عليه قواعد نذر سورة القصص للولايات المتحدة الأميركية.
ونجد في قصة قارون في سورة القصص كيف يتطور الاقتصاد (الكفري)، (اقتصاد العولمة مثلاً)، ثُمَّ كيف يذهب هذا الاقتصاد بنظرياته وأهله، (كذلك في عصرنا حدث مثل ذلك للنظرية الماركسية الشيوعية في الاقتصاد التي بدأت في أيام ماركس وأنجلز، وطبقت بعد ثورة ١٩١٧ م في روسيا، وأنشأت القوة العظمى الثانية للاتحاد السوفيتي ثُمَّ كان لها أن تتفكك وان تغرق في مهاوي النسيان).

(١) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٥٨.
(٢) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٦٨.


الصفحة التالية
Icon