ونجد إعجاب بعض الجهلة بالعولمة التي لا يدرون مآلها ومآلهم معها من قوله تعالى في السورة نفسها: ﴿قَالَ الذين يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَالَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ ((١))، وفي عصرنا تكفلت وسائل الإعلام كلها بتحبيب نموذج العولمة للأذهان، فصار الناس يتشدقون: إن العولمة في هذا العصر هي (الحظ العظيم)، وهذا ما وسوسه الشيطان الرجيم ـ لعنه الله بلعنته ـ في قلوب الناس.
ثم نجد مصير قارون في الخسف هو عين ما يتوقع المنظرون الاقتصاديون للعولمة من مصير (التفكك) في قوله تعالى: ﴿فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ من فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ من دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ من المُنْتَصِرِينَ﴾ ((٢))، ويبين الله عزَّ وجلَّ الحقيقة على لسان الذين اغتروا بقارون بعد أن رأوا أمثاله (وفي عصرنا بعد أن يروا تفكك العولمة)، في قوله عزَّ وجلَّ حاكياً عنهم قولهم: ﴿يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمن يَشَاءُ من عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ﴾ ((٣))، ويقرر القرآن الكريم دلالة حقيقة الاقتصاد العالمي في كل نظرياته بقوله تعالى: ﴿قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ من جَاءَ بِالْهُدَى وَمن هُوَ في ضَلاَلٍ مُبِينٍ﴾ ((٤))، بمعنى أن النظريات الاقتصادية في هدايتها وفي ضلالها إنما جاءت بمعناها العام لتدل على الخصوصية الاقتصادية العالمية، لأن الاقتصاد الإسلامي اقتصاد هداية خاصة، والاقتصاد العالمي المعولم اقتصاد ضلال يهودي ربوي، فبان الفرق بينهما في دلالات الآية.

(١) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٧٩.
(٢) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٨١.
(٣) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٨٢.
(٤) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٨٥.


الصفحة التالية
Icon