وقال " أبو البَقَاءِ " للاسترشاد، أي : أتجعل فيها من يفسد كمن كان قبل.
و " فيها " الأولى متعلّقة بـ " تجعل " إن قيل : إنها بمعنى " الخَلْق "، و " من يفسد " مفعول به.
وإن قيل : إنها بمعنى " التصيير "، فيكون " فيها " مفعولاً ثانياً قدّم على الأول، وهو " من يفسد "، و " من " تحتمل أن تكون كموصولةً، أو نكرة موصوفة، فعلى الأول لا محلّ للجملة بعدها من الإعراب، وعلى الثَّاني محلها النصب، و " فيها " الثانية متعلّقة بـ " يفسد ".
و " يفسك " عطف على " يفسد " بالاعتبارين.
والجمهور على رَفْعِهِ، وقرئ منصوباً على جواب الاتسفهام بعد " الواو " التي تقتضي الجمع بإضمار " أن " كقوله :[الكامل] ٣٥٨ - أَتَبِيتُ رَيَّانَ الجُفُونِ مِنَ الكَرَى
وَأَبِيتَ مِنْكَ بِلَيْلَةِ الْمَلْسُوعِ
وقال :" ابن عطية " :" منصوب بواو الصرف " وهذه عبارةُ الكوفيين، ومعنى " واو الصرف " أن الفعل كان يقتضي إعراباً، فصرفته " الواو " عنه إلى النصب.
والمشهور " يَسْفِكُُ " بكسر الفاء، وقرئ بضمها أيضاً بضم حرف المُضَارعة من " أُسْفِكُ ".
وقرئ أيضاً مشدداً للتكثير.
و " السَّفْك " : هو الصَّب، ولا يستعمل إلاّ في الدم.
وقال ابن فارس والجوهري :" يستعمل أيضاً في الدمع ".
وقال " المَهْدَوِيّ " : ولا يستعمل السَّفك إلاّ في الدم، وقد يستعمل في نَثْرِ الكلام، يقال : سفك الكلام، أي : نثره.
و " السَّفاك " : السفاح، وهو القادر على الكلام.
و " الدِّمَاء " جمع " دَم " ولا يكون اسمٌ معربٌ على حرفين، فلا بُدَّ له من ثالث محذوف هو لامه، ويجوز أن تكون " واواً " وأن تكون " ياء " ؛ لقولهم في التثنية " دَمَوَان " و " دَمَيَان " ؛ قال الشاعر :[الوافر] ٣٥٩ - فَلَوْ أَنَّا عَلَى حَجَرٍ ذُبِحْنَا
جَرَى الدَّمَيَانِ بِالخَبَرِ الْيَقِينِ
وهل وزن دم :" فَعْل بسكون العين، أو " فَعَل " بفتحها ؟ قولان ؛ وقد يُرَدُّ محْذُوفُهُ، فيستعمل مقصوراً كـ " عَصَا " ؛ وعليه قول الشاعر : ٣٦٠ - كَأَطُومٍ فَقَدَتْ بُرْغُزَهَا
أَعْقَبَتْهَا الغُبْسُ مِنْهُ عَدَمَا
غَفَلَتْ ثُمَّ أَتَتْ تَرْقُبُهُ فَإِذّا هِيَ بِعِظَامٍ وَدَمَا " الأَطُوم " : الناقة، " وبرغزها " : ولدها، و " الغُبْسُ " : الضباع.
وقد تشدّد ميمه ؛ قال الشاعر :[البسيط] ٤٦١ - أَهانَ دَمَّكَ فَرْغاً بَعْدَ عِزَّتِهِ
يَا عَمْرُو بَغْيُكَ إِصْرَاراً عَلَى الْحَسَدِ
جزء : ١ رقم الصفحة : ٤٦٣


الصفحة التالية
Icon