أي : لثاتها.
والجمهور على رفع الجلالةَ من ﴿حَفِظَ اللَّهُ﴾ وفي " مَا " على هذه القراءة ثلاثَةُ أوْجُه : أحدُهَا أنَّهَا مَصْدَريَّةٌ، والمعنى : بحظ اللَّه إيَّاهُنَّ أي : بتوفيقه لهن، أو بالوصيَّةِ منه تعالى عليهنَّ.
والثاني : أن تكُونَ بمعنى الذي، والعَائِدُ محذوفٌ، أي : بالَّذي حفظه اللَّهُ لَهُنَّ مِنْ مُهُورِ أزواجهِنَّ، والنّفقة عليهن، قاله الزَّجَّاجُ.
والثَّالِثُ : أن تكُونَ " مَا " نكرة موصوفة، والعَائِدُ محذوفٌ أيضاً، كما تقرَّرَ في المَوْصُولَةِ، بمعنى الَّذِي.
وقرأ أبُو جَعْفَرٍ بنصب الجَلاَلَةِ.
وفي " مَا " ثلاثة أوجه أيضاً : أحدُهَا : أنَّها بمعنى الَّذِي.
والثَّانِي :[أنها] نكرةٌ موصُوفَةٌ، وفي ﴿حَفِظَ﴾ ضمير يعُودُ على [ " ما " ] أي : بما حفظ من البرِّ والطَّاعَةِ، ولا بدّ من حَذْفِ مضافٍ تقديره : بما حَفِظَ دين اللَّه، أو أمر اللَّه ؛ لأنَّ الذَّات المقدَّسة لا يحفظها أحَدٌ.
والثَّالِثُ : أنْ تكُونَ " مَا " مَصْدريَّة، والمعنى : بما حفظن اللَّه في امتثال أمره، وَسَاغَ
٣٦١
عَوْدُ الضَِّميرِ مُفْرَداً على جَمْعِ الإنَاثِ ؛ لأنَّهُنَّ في معنى الجنس كأنه قيل :" فمن صلح " فَعَاد الضَّميرِ مُفْرداً بهذا الاعتبارِ، ورُدَّ هذا الوجه بِعَدَمِ مُطَابَقَةِ الضَّميرِ لما يعودُ عليه وهذا جوابه، وجعله ابْنُ جِنّي مثل قول الشَّاعِرِ :[المتقارب] ١٧٩٢ -...................................
فإنَّ الحَوَادِثِ اوْدَى بِهَا
أي : أوْدَيْنَ، وَيَنْبَغِي أن يُقَالَ : الأصْلُ بما حفظت الله، والحوادث أوْدَتْ، لأنَّهَا يَجُوزُ انْ يَعُودَ الضَّميرُ عَلَى [جمع] الإنَاثِ كَعَوْدِهِ عَلَى الوَاحِدَةِ مِنْهُنَّ، تقول : النِّسَاءُ قَامَتْ، إلاَّ أنَّهُ شَذَّ حذفُ تَاءِ التَّأنيثِ مِنَ الْفِعْلِ المُسْندِ إلى ضَميرِ المُؤنَّثِ.
وقرأ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودِ - وهي في مُصْحَفِهِ كَذَلِكَ - " فالصالح قوانت حوافظ " بالتكسير.
قال ابْن جني : وهي أشْبَهُ بالمَعْنَى لإعطائِهَا الكَثْرَة، وَهِيَ المَقْصُودَةُ هُنَا، يعني : أن " فَوَاعِل " من جُمُوعِ الكَثْرَةِ، وجمع التَّصحيح جمع قلَّةٍ، ما لم تَقْتَرِنْ بالألف واللاَّمِ.
وظاهِرُ عِبَارَةَ أبِي البَقَاءِ أنه لِلقِلَّةِ، وَإنْ اقْتَرَنَ بـ " أل " فإنَّهُ قال : وجمع التَّصحيح لا يدلّ على الكثرة بوضعِهِ، وقد استعمل فيها كقوله تعالى :﴿وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ﴾ [سبأ : ٣٧].
وفيما قالهُ [أبُو الفتح] وأبُو البقاءِ نَظَرٌ، فإنَّ " الصَّالِحات " في القراءةِ المَشْهُورَةِ مُعَرَّفَةٌ بِأل، وقَد تَقَدَّمَ أنَّه تكُونُ لِلْعُمُومِ، إلاَّ انَّ العموم المفيد للكثرة، ليس مِنْ صيغَةِ الجَمْعِ، بل مِنْ " ألْ "، وإذا ثَبَتَ أن " الصَّالِحَاتِ " جمع كَثْرَةٍ، لَزِمَ أنْ يكُونَ " قَانِتَات " و " حَافِظَات " للكثرة ؛ لأنَّهُ خبرٌ عن الجميعِ، فَيُفِييدُ الكَثْرَةَ، ألا تَرَى أنَّكَ إذا قلت : الرِّجَالُ قَائِمُونَ، لَزِمَ أنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الرِّجَالِ قَائِماً، ولا يجوز أن يكُونَ بعضُهم قاعداً، فإذاً القراءةُ الشَّهيرةُ وافيةٌ بالْمعنى [المقصود].
فصل قال الواحديُّ : لفظ القنُوتِ يُفيدُ : الطَّاعَةَ، وَهُوَ عَامٌّ في طَاعَةِ اللهِ، وطاعة
٣٦٢