[ودليله في غير هذا الموضع] ومثُل هذا المكان في كون الزَّمَخْشَرِيّ جعل شيئاً عِلَّةً، ثم جعله مَعْلولاً، كما سيأتي إن شاء الله - تعالى - في أوَّلِ " الفتح " ويأتي هناك جوابه.
قوله :" كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ " كَيْفَ " خبرٌ مقدَّمٌ، و " عاقبة " اسمها، ولم يُؤنَّثْ، فعلْها ؛ لأنَّ تأنيثها غير حقييقي ؛ ولأنها بتأويل المآلِ والمُنْتَهَى، فإنَّ العاقبة مَصْدَرٌ على وزن " فاعلة " وهو محفوظ في ألْفَاظ تقدَّمَ ذِكْرُها وهي منتهى الشيء وما يَصيرُ إليه.
والعاقبةُ إذا أطْلِقَتْ اختصت بالثواب قال تعالى :﴿وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [الأعراف : ١٢٨] وبالإضافة قد تستعمل في العُقُوبةِ كقوله تبارك وتعالى :﴿ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُواْ السُّواءَى﴾ [الروم : ١٠]، ﴿فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَآ أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا﴾ [الحشر : ١٧] فَصَحَّ أن تكون اسْتِعَارةً من ضدَّهِ كقوله تعالى :﴿فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [آل عمران : ٢١].
و " كَيْفَ " مُعَلِّقة للنظر، فهي في مَحَلِّ نصبٍ على إسْقَاط الخافضح لأنَّ معناه هنا التَّفَكُّرُ والتدبُّرُ.
والله أعلم.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٣
" لِمَنْ " خَبَرٌ مقدَّمٌ واجبُ التقديم، لاشْتِمَالهِ على مَا لهُ صَدْرُ الكلام، فإنَّ " مَنْ " استفهامية [والمبتدأ " ما " وهي بمعنى " الذي " ]، والمعنى : لمن اسْتَقَرَّ الذي في السموات.
وقوله :" قُلْ للَّهِ " قيل : إنَّمَا أمَرَه أن يجيب، وإن كان المقصود أن يُجِيبَ غيره ؛ ليكون أوَّل من بَادرَ بالاعتراف بذلك.
وقيل : لمَّا سِألَهُمْ كأنَّهم قالوا : لمن هو ؟ فقال اللَّهُ : قُلْ للَّهِ، ذكره الجُرْجَانِيُّ فعلى هذا قوله :" قُلْ للِّه " جوابٌ للسؤال المُضْمَرِ الصَّادِرِ من جهة الكُفَّارِ، وهذا بَعِيدث ؛ لأنهم لم يكونوا يَشكُّون في أنَّهُ للَّهِ، وإنما هذا سؤالُ تَبْكِيتٍ وتَوبِيخٍ، ولو أجابو الم يَسَمْهُمْ أن يُجيبوا إلاَّ بذلك.
وقال ابن الخَطيبِ : إنَّ اللَّهَ - تبارك وتعالى - أمَرَهُ بالسُّؤالِ أوَّلاً، ثمَّ بالجواب ثانياً، وهذا إنَّما يَحْسُنُ في المَوْضِعِ الذي يكونُ جوابُهُ قد بَلَغَ في الظهور إلى حيث لا يقدر على إنكاره مُنْكِرٌ، ولمَّا كانت آثار الحدوث والإمْكان ظاهرة في ذَوَاتِ جميع
٤٤