والعربُ تقول :" عَدِمءتني ووَجَدْتُني " وليس بوجه الكلام.
انتهى.
واعلم أنَّ النَّاس اختلفوا في الجلمة اللاستِفْهَامِيَّةِ الواقِعَةِ بعد المنصوب بـ " أرأيتك " [نحو : أرأيتك] زَيْداً ما صنع ؟ فالجموهور على أنَّ " زيداً " مفعول أوَّل، والجملة بعده في مَحَلِّ نصبٍ سادَّةً مَسَدَّ المفعول الثاني.
وقد تقدَّم أنه لا يجُوزُ التَّعْلِيقُ في هذه، وإن جاز في غيرها من أخَوَاتِهَا نحو : علمت زيداً أبو مَنْ هو.
وقال ابن كَيْسَان :" إن هذه الجملة الا ستفهاميَّة في أرأيت زيداً ما صنع بَدَلٌ من أرأيتك ".
وقال الأخْفَشُ :" إنه لا بُدَّ بعد " أرأيت " التي بمعنى " أخبرني " من الا سم المُسْتَخْبَرِ عنه، ويَلْزَمُ الجُمْلَةَ التي بعده الاستفهام ؛ لأن " أخبرني " موافق لمعنى الاستفهام ".
وزعم أيضاً أنها تخرج عن بابها، فتكون بمعنى " أما " أو " تنبَّه "، وحينيذٍ لا يكونُ لها مَفْعُولانِ، ولا مَفْعُولٌ واحدٌ، وجعل من ذلك :﴿أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَآ إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ﴾ [الكهف : ٦٣].
وهذا يبغي ألاَّ يجوز ؛ لأنه إخْرَاجٌ لِلَّفْظةِ عن موضوعها من غير دَاعٍ إلى ذلك.
إذا تقرَّرَ هذا فَيْلُرْجَعْ إلى الآية الكريمة فَنَقُولُ، وبالله التوفيق : اختلف النَّاسُ في هذه الآية على ثلاثة أقوال : أحدها : أن المفعول الأول، والجملة الاستفهامية التي سدَّت مسدَّ الثاني مَحْذُوفانِ لفهم المعنى، والتقديرُ : أرأيتكم عبادتكم الأصْنَامَ هل تنفعُكمُ ؟ أو اتِّخَاذكُمْ غَيْرَ الله إلهاً هَلْ يِكشِفُ ضُركم ؟ ونحو ذلك، فـ " عِبَادَتَكُمْ " أو " اتِّخاذكم " مفعول أوّل، والجملة الاستفهامية سادَّةٌ مسدَّ الثَّاني، و " التاء " هي الفاعل، و " الكاف " حرف خطاب.
الثاني : أن الشَّرْطَ وجوابَهُ - وسيأتي بَيَانُهُ - قد سدَّا مَسَدَّ المفعولين ؛ لأنهما قد حَصَّلا المعنى المقصود، فلم يَحْتَجْ هذا الفعل إلى مَفْعُولٍ، وليس بشيء ؛ لأن الشَّرْطَ وجوابه لم يُعْهَدْ فيهما أن يَسُدَّا مَسَدَّ مفعولي " ظَنَّ "، وكونُ الفاعلِ غيرَ مُحْتاجٍ لمفعول
١٣٩