السابع : أنه مَنْصُوبٌ على الظرف، والناصب له معنى الجملة التي هي " قوله الحق " أي : حق قوله في يوم يقول : كن.
الثامن : أنه مَنْصُوبٌ بمحذوف دلَّ عليه بالحق.
قال الزمخشري : وانْتِصَابُ اليوم بمحذوف دلَّ عليه قوله :" بالحق "، كأنه قيل :" وحين يكون ويقدر يقوم بالحق " قال أبو حيان :" وهذا إعراب مُتَكَلَّفٌ ".
قوله :" فيكون " هي هنا تامَّةٌ، وكذلك قوله :" كُنْ " فتكتفي هنا بمرفوع، وتحتاج إلى منصوب، وفي فاعلها أربعة أوجه : أحدها : أنه ضمير جميع ما يخلقه الله - تعالى - يوم القيامة، كذا قَيَّدَهُ أبو البقاء بيوم القيامة.
وقال مكي :" وقيل : تقدير المضمر في " فيكون " جميع ما أراد "، فأطلق ولم يُقَيِّدْهُ وهذا أوْلَى وكأن أبا البقاء أخذ ذلك من قرينة الحال.
الثاني : أنه ضمير الصُّور المنفوخ فيها، ودَلَّ عليه قوله :﴿يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ﴾ [طه : ١٠٢].
الثالث : هو ضمير اليوم ؛ أي : فيكون ذلك اليوم العظيم.
الرابع : أن الفاعل هو " قوله " و " الحق " صفته ؛ أي : فيوجد قوله الحق، ويكون الكلام على هذا تامَّا على " الحق ".
قوله " قولهُ الحَقُّ " فيه أربعة أوجه : أحدها : أنه مبتدأ، و " الحق " نعته، وخبره قوله :" يوم يقول ".
والثاني : أنه فاعلٌ لقوله :" فيكون " و " الحق " نعته أيضاً، وقد تقدَّم هذان الوجهان.
الثالث : أن " قوله " مبتدأ، و " الحق " خبره أخبر عن قوله بأنه لا يكون إلاَّ حقَّا.
والرابع : أنه مبتدأ أيضاً، و " الحق " نعته، و " يوم يُنفَخُ " خبره وعلى هذا ففي قوله :" وله الملك " ثلاثة أوجه : أحدها : تكون جُمْلَةً من مبتدأ وخبر معترضة بين المبتدأ وخبره، فلا محل لها حنئيذ من الإعراب.
والثاني : أن يكون " الملك " عطفاً على " قوله " و " أل " فيه عوض عن الضمير، و " له " في محلِّ نصب على الحال من " الملك " العامل فيه الاسْتِقْرَارُ، والتقدير : قوله الحق، وملكه كائناً له يوم ينفخ، فأخبر عن القول الحق والملك الذي لله بأنهما كائنانِ في يوم ينفخ في الصُّورِ.
٢٢٤
الثالث : أن الجملة من " وله الملك " في محل نصبٍ على الحال، وهذا الوجه ضعيف لشيئين : أحدهما : أنها تكون حالاً مؤكّدة، والأصل أن تكون مؤسّسة.
الثاني : أن العامل فيها معنوي ؛ لأنه الاستقرار المُقَدَّرُ في الظرف الواقع خبراً، ولا يجيزه إلا الأخفش، ومن تابعه، وقد تقدَّم تقرير مذهبه.
قوله :" يَوْمَ يُنْفَخُ " فيه ثمانية أوجه : أحدها : أنها خبر لقوله تعالى :" قوله الحق "، وقد تقدم تحقيقه.
الثاني : أنه بَدَلٌ من " يوم يقول " فيكون حُكْمُهُ ذاك.
الثالث : أنه طرف لـ " تحشرون " أي : وهو الذي إليه تحشرون في يوم يُنْفَخُ في الصور.
الرابع : أنه منصوب بنفس المُلْك، أي : وله المُلْكُ في ذلك اليوم.
فإن قيل : يلزم من ذلك تقييد الملك بـ " يوم النَّفْخ "، والملك له كل وقت.
فالجواب : ما تقدم في قوله " الحق "، وقوله :﴿لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ﴾ [غافر : ١٦] وقوله :﴿وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ﴾ [الانقطار : ١٩] وهو أن فائدة الإخبار بذلك أنه أثبت المُلْكَ والأمْرَ في يوم لا يمكن لأحد أن يدعي فيها شيئاً من ذلك.
الخامس : أنه حالٌ من المُلْكِ، والعامل فيه " له " لما تضمنه من معنى الفعل.
السادس : أنه منصوب بقوله :" يقول ".
السابع : أنه مَنْصُوبٌ بعالم الغيب بعده.
الثامن : أنه منصوبٌ بقوله تعالى :" قوله الحق " فقد تحصَّل في كل من اليومين ثمانية أوجه.
والجمهور على " يُنْفَخُ " مبنياً للمفعول بياء الغيبة، والقائم مقام الفاعل الجار بعده.
وقرأ أبو عمرو في رواية عبد الوارث :" نَنْفُخُ " بنون العظمة مبنياً للفاعل.
والصُّورُ : الجمهور على قراءته ساكن العين وقرأه الحسن البصري بفتحها.
فأما قراءة الجمهور، فاختلفوا في معنى " الصُّور " [فيها] فقال جماعة الصور : جمع " صُورة " كالصُّوف جمع " صوفة "، والثوم جمع " ثومة "، وهذا ليس جمعاً صِنَاعيَّا،
٢٢٥
وإنما هو اسم جنس، إذ يفرق بينه وبين واحد بتءا التأنيث، وأيَّدُوا هذا القول بقراءة الحسن المتقدمة.
وقال جماعة : الصُّور هو القَرْنُ.
قال مجاهد كَهَيْئَةِ البُوقِ، وقيل : هو بلغة أهل اليمن، وأنشدوا :[السريع أو الرجز] ٢٢٠٥ - نَحْنُ نَطَحْنَاهُمْ غَدَاةَ الجَمْعَيْن
بِالشَّامِخَاتِ فِي غُبَارِ النُّقْعَينْ
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٢٣
نَطْحاً شَدِيداً لا كَنَطْحِ الصُّورَينْ