دلائل الله - تعالى -، وكذَّبوا بآيات الله، وبمحمد ﷺ، وبالقرآن، ثم قال :" إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ " أي : لا يَنْجُو المشركُون، وهذا تأكيدٌ لما سبق من هذين الكلامين.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٢٧٩
قوله تعالى :﴿وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ﴾ الآية.
لمَّا طلبُوا تبديل القرآن ؛ لأنَّه مشتملٌ على ذمِّ الأصنامِ التي اتَّخذُوها آلهةً، ذكر في هذا الموضع قبح عبادة الأصنام، ليُبيِّنَ تحقيرَها.
قوله :" مَا لاَ يَضُرُّهُمْ " :" ما " موصولةٌ، أو نكرةٌ موصوفةٌ، وهي واقعةٌ على الأصنامِ، ولذلك راعى لفظها، فأفرد في قوله " مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ "، وراعى معناها فجمع في قوله :" هؤلاء شُفَعَاؤُنَا ".
فصل المعنى : ما لا يضُرُّهُمْ إن عصوه، وتركُوا عبادته، ولا ينفعهم إن عبدوه، يعني : الأصنام ﴿وَيَقُولُونَ هؤلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ﴾، فقيل : إنَّهم اعتقدُوا أنَّ المُتولِّي لكل إقليم، روح معيَّن من أرواح الأفلاك، فعيَّنُوا لذلك الرُّوح صنماً معيَّناً، واشتغلوا بعبادة ذلك الصَّنَم، ومقصودهم عبادةُ ذلك الرُّوح، ثم اعتقدُوا أن ذلك الرُّوح، يكون عبداً للإله الأعظم، ومشتغلاً بعبوديَّته.
وقيل : إنَّهم كانُوا يعبدُون الكواكب، فوضعُوا لها أصناماً مُعَيَّنة واشتغلوا بعبادتها، ومقصودُهُم عبادةُ الكواكبِ، وقيل : إنَّهم وضعُوا طلَّسْمَاتٍ معينةً على تلك الأوثان والأصنام، ثم تقرَّبوا إليها.
وقيل : إنَّهُم وضعوا هذه الأوثان والأصنام، على صور أنبيائهم، وأكابرهم، وزعمُوا أنَّهُم متى اشتغلُوا بعبادةِ هذه التماثيل، فإنَّ أولئك الأكابر تكون شفعاء لهم عند الله.
قوله :" قُلْ أَتُنَبِّئُونَ " قرأ بعضهم :" أتُنْبِئُونَ " مخففاً من " أنْبَأ "، يقال : أنْبَأ ونَبَّأ كأخْبرَ وخبَّرَ، وقوله :" بِمَا لاَ يَعْلَمُ " " مَا " موصولةٌ، أو نكرة موصوفة كالتي تقدَّمت، وعلى كلا التقديرين : فالعائدُ محذوفٌ، أي : يعلمُهُ، والفاعلُ هو ضمير الباري - تعالى -، والمعنى : أتُنَبِّئُونَ الله بالمعنى الذي لا يعلمُهُ إلاَّ الله، وإذا لم يعلم الله شيئاً، استحال وجودُ ذلك الشيء ؛
٢٨٥